تحليلات

المشهد “الإسرائيلي” في ظل استعدادات الأحزاب “الإسرائيلية” لخوض انتخابات الكنيست الـ 25

خاص– اتجاهات

مقدمة

بعد مرور قرابة عام على تَشكُل حكومة الاحتلال “الإسرائيلي” بقيادة “بينت ولبيد”، فشل الائتلاف الحكومي في مواجهة العديد من التحديات والأزمات التي مرت بها الحكومة، ما أدى إلى حل الكنيست وتشكيل حكومة انتقالية بقيادة لبيد، والاتفاق على إجراء انتخابات مُبكرة في الأول من تشرين ثاني/ نوفمبر القادم، وهي الجولة الانتخابية الخامسة في أقل من عامين.

نقدم في هذه الورقة قراءة في المشهد “الإسرائيلي”، نستعرض فيها أبرز الدوافع التي أدت إلى حل الكنيست، وتداعيات ذلك على المشهد “الإسرائيلي” الداخلي، واستعدادات الأحزاب والشخصيات “الإسرائيلية” لخوض انتخابات الكنيست الـ 25.

أولاً: أبرز الدوافع وراء التوجه لحل الكنيست الـ 24

منذ بداية تشكل الائتلاف الحكومي كانت غالبية التقديرات تشير إلى صعوبة إمكانية استمراره بتشكيلته الحالية، في ظل حالة التباين والاختلاف الكبير بين مكوناته أيديولوجياً وسياسياً، الأمر الذي شكل منذ البداية تحدياً كبيراً لقطبي الحكومة بينت ولبيد، حيث حاولا منذ البداية الابتعاد عن الملفات الشائكة، غير أن الائتلاف الحكومي مر بالعديد من التحديات والأزمات، حالت دون استمرار الحكومة “الإسرائيلية” في أداء مهامها، ما دفع بينت ولبيد إلى الاتفاق على حل الكنيست والتوجه لانتخابات مبكرة، نرصد فيما يلي أبرز الأسباب والدوافع التي أدت لحل الكنيست:

  • فشل الائتلاف الحكومي في إقرار بعض القوانين في الكنيست أبرزها قانون تطبيق الطوارئ في الضفة الغربية، وذلك بعد قيام كل من كتلة اليمين المُعارض بزعامة نتنياهو، والعضوين في الكنيست مازن غنايم من القائمة الموحدة، وغيداء زعبي من ميرتس بالتصويت ضد تمديد القانون، فضلاً عن انسحاب باقي أعضاء القائمة الموحدة وميرتس من عملية التصويت؛ وهو ما دفع بعضو الكنيست عن حزب يمينا نير أورباخ إلى إعلان انشقاقه عن الائتلاف الحكومي.
  • توسع دائرة الأعضاء المُنشقين عن الائتلاف الحكومي، فقد سبق انسحاب أورباخ انشقاق كل من عيمحاي شكلي وعيديت سيلمان، وجميعهم من حزب يمينا، ليصبح عدد أعضاء الكنيست المشاركين في الائتلاف عن حزب يمينا أربعة فقط.
  • لعبت المعارضة بقيادة اليمين دوراً كبيراً في عملية إسقاط الحكومة من خلال تصويتها ضد إقرار القوانين التي طرحتها الحكومة، إضافةً إلى الضغوطات الكثيرة التي مارستها على الأعضاء اليمينيين في الائتلاف من أجل إقناعهم بالانشقاق عن الائتلاف وانضمامهم لها.

ثانياً: تداعيات حل الكنيست على المشهد “الإسرائيلي” الداخلي

  • بموجب الاتفاق الائتلافي بين مكونات الحكومة “الإسرائيلية” فقد شغل زعيم حزب “يش عتيد” يائير لبيد، منصب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية بجانب احتفاظه بحقيبة الخارجية، فيما تولى بينت منصب نائب رئيس الوزراء، إلى جانب توليه مسؤولية ملف إيران، في حين استمر غانتس زعيم حزب أزرق أبيض في تولي منصب وزير الجيش خلال الفترة الانتقالية.
  • أعلن بينت في أعقاب إعلان حل الكنيست عزمه اعتزال الحياة السياسية، وعدم المُشاركة في الانتخابات المُقبلة، الأمر الذي مهد الطريق أمام “أيليت شاكيد” للوصول لرئاسة حزب يمينا.
  • شكل إعلان حل الكنيست حالة ضاغطة على القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس، على اعتباره فشلاً لتجربة المُشاركة العربية في الحكم داخل دولة الاحتلال، عدا عن تبعاته السلبية على مستقبل القائمة الموحدة في ظل إبداء المكونات والقوى “الإسرائيلية” حرصها على تجنب تكرار التجربة (الاعتماد على المكون العربي) خلال الاستعدادات لخوض انتخابات الكنيست المُقبلة.

ثالثاً: استعدادات الأحزاب والشخصيات “الإسرائيلية” لخوض انتخابات الكنيست الـ 25

كثفت الأحزاب “الإسرائيلية” مساعيها لترتيب قوائمها الانتخابية، من خلال: إجراء انتخابات داخلية، استقطاب شخصيات وازنة، عقد تحالفات انتخابية؛ وذلك بهدف تعزيز حظوظها الانتخابية خلال جولة الانتخابات القادمة المقرر عقدها في الأول من نوفمبر القادم، نرصد فيما يلي أبرز تلك المساعي:

  • أجرى حزب الليكود انتخابات تمهيدية لتحديد قائمة الحزب المشاركة في الانتخابات، حيث أظهرت النتائج النهاية لهذه الانتخابات نجاح رئيس الحزب بنيامين نتنياهو في الحصول على المركز الأول في قائمة الحزب، فيما حل ثانياً عضو الكنيست ياريف ليفين، أحد أكثر المُقربين من نتنياهو، في حين تراجع كل من يسرائيل كاتس ويولي ادلشتاين إلى الترتيب الثاني عشر والثامن عشر، وبشكل عام أفرزت الانتخابات الداخلية لليكود صعود المُقربين من نتنياهو للمقاعد الأولى من القائمة الانتخابية، وقد أظهرت استطلاعات الرأي تعزيز حزب الليكود قوته في الانتخابات القادمة بحصوله على (33- 34) مقعداً، بارتفاع (3-4) مقاعد عن عدد المقاعد التي حصل عليها في انتخابات الكنيست الـ 24 الماضية، ما يعزز من فرص نتنياهو في الحصول على تكليف رئيس دولة الاحتلال بتشكيل الائتلاف الحكومي المُقبل.
  • أعلن كل من حزب أمل جديد برئاسة ساعر، وحزب أزرق أبيض برئاسة غانتس عن خوضهما الانتخابات المُقبلة في قائمة واحدة تحمل اسم “المعسكر الوطني” يترأسها غانتس، حيث نجحت القائمة في استقطاب رئيس هيئة أركان الجيش السابق غادي آيزنكوت، الأمر الذي شكل رافعة لقائمة التحالف، حيث أظهرت استطلاعات الرأي ارتفاع نسب تأييد تحالف “أزرق أبيض – أمل جديد” إلى 14 مقعداً، بارتفاع 3 مقاعد عن نسب التأييد التي أظهرتها استطلاعات الرأي قبل انضمام أيزنكوت لقائمة التحالف.
  • اتفقت زعيمة حزب يمينا شاكيد مع زعيم حزب “ديرخ ايرتس” يوعاز هندل، أحد مركبات حزب أمل جديد، على خوض الانتخابات المُقبلة في قائمة واحدة باسم “روح صهيونية” بزعامة شاكيد، حيث يأتي هذا الاتفاق بعد التراجع الواضح في الحظوظ الانتخابية لحزب يمينا بعد إعلان بينت انسحابه من الائتلاف الحكومي وعزمه عدم الترشح للانتخابات المُقبلة، وبالرغم من ذلك فقد أظهرت عدد من استطلاعات الرأي فشل القائمة في تجاوز نسبة الحسم (3.25%)، وبالتالي من المتوقع غياب شاكيد وهندل عن الكنيست الـ 25.
  • أظهرت آخر استطلاعات الرأي التي أجرتها قناة 12 “الإسرائيلية” في 14 أغسطس الجاري، حصول قوى اليمين المؤيدة لنتنياهو على ما مجموعه (59) مقعداً توزعت (34 الليكود، 10 الصهيونية الدينية، 8 شاس، 7 يهودت هتوراة)، في حين حصلت قوى الائتلاف الحكومي الحالي على ما مجموعه (55) مقعداً، توزعت (18 هناك مستقبل بقيادة لبيد، 14 تحالف أزرق أبيض- أمل جديد بقيادة غانتس، 5 العمل، 5 إسرائيل بيتنا بقيادة ليبرمان، 4 ميرتس، 4 القائمة العربية الموحدة بقيادة عباس منصور).


تظهر نتائج استطلاعات الرأي استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي داخل دولة الاحتلال، في ظل عدم حصول أي من التكتلات (سواء تكتل اليمين بقيادة نتنياهو، أو تكتل الائتلاف الحكومي الحالي بقيادة لبيد) على غالبية 61 مقعد بما يضمن له تشكيل الحكومة “الإسرائيلية” القادمة منفرداً، دون الحاجة لعقد تحالفات مع أحزاب أو شخصيات من التكتل الآخر، وإذا ما استمرت هذه الحالة من عدم الاستقرار في نتائج انتخابات الكنيست الـ 25، فسيكون المشهد “الإسرائيلي” أمام ثلاث سيناريوهات:

  1. الذهاب نحو جولة انتخابية سادسة في مدة زمنية لا تتجاوز الثلاث سنوات، وهو السيناريو الذي لا ترغب أي من الأحزاب “الإسرائيلية” في الوصول إليه.

  2. إمكانية حدوث انشقاقات داخل الأحزاب أو التكتلات “الإسرائيلية”، تضمن انضمام شخصيات أو أحزاب لأحد التكتلات بما يضمن حصوله على الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة، يعزز هذا السيناريو من قدرة نتنياهو على تشكيل الحكومة القادمة في ظل تماسك تكتل اليمين وصعوبة انشقاق أي من الأحزاب المنضوية تحته عن دعم نتنياهو، في المقابل هناك حالة من التفكك وعدم الانسجام بين مكونات الائتلاف الحكومي الحالي، وبالتالي يبقى المجال مفتوحاً أمام انضمام أي من الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي خاصة (المعسكر الوطني بقيادة غانتس) لتحالف نتنياهو وتشكيل حكومة جديدة يتناوب فيها غانتس ونتنياهو على رئاسة الحكومة، حيث من المتوقع أن يطالب غانتس بتولي رئاسة الحكومة في الفترة الأولى مستفيداً من تجربته السابقة ومن تجربة نفتالي بينت الحالية.

  3. حدوث تغيرات تؤثر في النتائج النهائية للانتخابات، خاصة أننا على بعد أكثر من شهرين على موعد إجراء الانتخابات، وبالتالي قد تتغير معها صورة المشهد السياسي داخل دولة الاحتلال، وذلك على صعيدين:
  • نجاح تكتل اليمين بقيادة نتيياهو في الحصول على 61 مقعداً (هناك بعض استطلاعات الرأي أشارت لإمكانية تحقق ذلك) وبالتالي يضمن تشكيل الحكومة دون الحاجة لاستقطاب حلفاء آخرين.
  • نجاح تحالف قائمة “روح صهيونية” بقيادة شاكيد في تجاوز نسبة الحسم، وانضمامها لحكومة نتنياهو، حيث ألمحت شاكيد إلى إمكانية دعم نتنياهو لتشكيل الحكومة “الإسرائيلية” القادمة، الأمر الذي يعزز من فرص نتنياهو في تشكيل الحكومة القادمة بدعم من شاكيد، وسيتوقف ذلك على مدى تعاطي نتنياهو مع ابتزاز شاكيد المتوقع.

للاطلاع على التحليل بصيغة PDF اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى