أنشطة المركز

“اتجاهات” ينظم حلقة نقاش حول توجهات الجمهور الفلسطيني تجاه القضايا الوطنية والسياسية

غزة – مركز اتجاهات للدراسات والأبحاث

 

نظم مركز اتجاهات للدراسات والأبحاث بمقره في مدينة غزة، يوم السبت 2023/9/23، حلقة نقاش بعنوان “توجهات الجمهور الفلسطيني تجاه القضايا الوطنية والسياسية خلال عامي 2022 – 2023“، استضاف فيها المركز نخبة من المختصين والباحثين السياسيين؛ لمناقشة نتائج دراسة أعدها المركز حديثاً حول توجهات الجمهور الفلسطيني تجاه القضايا الوطنية والسياسية خلال عامي 2022 – 2023، وتم نشرها على الموقع الإلكتروني الخاص بالمركز في ستة أجزاء.

 

حول الدراسة

بعد ترحيبه بالمشاركين، وبعد الإشارة إلى أهمية الرأي العام وتوجهات الجمهور في صناعة القرار والسياسات، بيّن الباحث في المركز أ. محمد بخيت أننا في مركز اتجاهات للدراسات والأبحاث التقطنا فرصة قيام المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في مدينة رام الله، والمعروف بدقة استطلاعاته وشفافيتها، بإصدار سلسلة دورية من استطلاعات الرأي العام على مدار عامي 2022 و 2023، وأجرينا عليها تحليلاً وقراءة ضمن دراسة لتوجهات الجمهور الفلسطيني شملت أربعة محاور هي: المقاومة، والعلاقة مع الاحتلال، وتقييم أداء السلطة الفلسطينية، والمصالحة والانتخابات.

 

توجهات الجمهور الفلسطيني تجاه المقاومة

في مستهل قراءته للمحور الأول عبر الباحث السياسي د. منصور أبو كريم عن وجهة نظره في أن قراءة توجهات الجمهور الفلسطيني تجاه المقاومة يجب أن تنطلق من عدة محددات رئيسية، أولها أن هذه التوجهات ترافقت مع تصاعد حدة المواجهة ما بين الشعب الفلسطيني والاحتلال خلال العامين الماضيين، والثاني هو تراجع فرص التسوية وفشل عملية السلام، والثالث هو صعود اليمين الديني الحاكم في “إسرائيل” بزعامة نتنياهو، وترافق ذلك مع زيادة حدة الإجرام تجاه الشعب الفلسطيني سواءً في قطاع غزة أو الضفة الغربية والقدس أو حتى في الداخل المحتل.

وقال أبو كريم أن هذه المحددات أثّرت، من وجهة نظره، على توجهات الشارع تجاه المقاومة بشقيها الشعبية والمسلحة، ولذلك، يضيف أبو كريم، نرى أنه كلما تصاعدت حدة المواجهة خاصة في الضفة الغربية كلما ابتعد الشارع الفلسطيني عن تبني المقاومة الشعبية كوسيلة للنضال باتجاه تبني المقاومة المسلحة، وهذا ما ظهر في تناقص التأييد للمقاومة الشعبية وفي زيادة التأييد العام للمقاومة المسلحة ارتباطاً بالعوامل سابقة الذكر.

الوسيلة الأمثل لإنهاء الاحتلال

وفي تعليقه على تبني الشارع الفلسطيني للعمل المسلح واعتباره الوسيلة الأمثل لإنهاء الاحتلال، قال أبو كريم أن استطلاعات الرأي عددت وسيلتين وهما المقاومة الشعبية والمفاوضات بشكل منفصل، ولكنهما من وجهة نظره عبارة عن وسيلة واحدة، مضيفاً أنه كان ينبغي على الاستطلاعات أن تطرح المفاوضات والمقاومة الشعبية كوسيلة واحدة وبرنامج سياسي واحد في مقابل المقاومة المسلحة كبرنامج سياسي.

واستطرد أبو كريم قائلاً إنه يجب التمييز، بحسب تقديره، ما بين تأييد العمل المسلح كبرنامج سياسي وما بين تأييده كعمليات فردية، موضحاً أنه حينما يُسأل الشارع الفلسطيني عن تأييده للعمليات الفردية فإنه يعطيها نسباً عاليةً تصل إلى (75%)، والسبب من وجهة نظره هو أن هذه العمليات غير مرتبطة بأجندة سياسية أو بقوى سياسية فلسطينية، ولكن عندما يُسأل عن تأييد المقاومة المسلحة كبرنامج سياسي لفصائل فلسطينية فإن نسبة التأييد تكون ما بين (50%) إلى (52%).

ويشرح أبو كريم وجه نظره هذه مستدلاً بأن تأييد عمليات إطلاق النار، كما أظهرتها الاستطلاعات، يصل إلى (59%)، وهي نسبة لم يصل إليها تأييد المقاومة المسلحة بشكل عام وفق شرحه، وكذلك تأييد الشارع الفلسطيني لعملية حوارة بنسبة (71%)، وقال أن هذا مرتبط بتراجع مستوى الاقتناع بالقوى السياسية الفلسطينية الحالية.

المطلوب فلسطينياً

حول المطلوب فلسطينياً تجاه هذه التوجهات، قال أبو كريم أن على الفصائل أن تدرك أن التأييد للعمل المسلح في هذه الاستطلاعات لا يعني تأييد البرامج السياسية للفصائل، خاصة حركتا حماس والجهاد الإسلامي اللتان تتبنيان المقاومة المسلحة كبرنامج سياسي..

كما قال إن على السلطة الفلسطينية وحركة فتح أن تأخذ هذه التوجهات بعين الاعتبار، وأن تدرك أن الوسائل التي تعتمدها في مواجهة حالة الإجرام وصعود اليمين الإسرائيلي غير مجدية في نظر الشارع الفلسطيني، لأن نسب تأييد الشارع للعمل المسلح في الوقت الحالي هي نسب عالية جداً وبات يرى أن استراتيجية المفاوضات واستراتيجية المقاومة الشعبية غير مجدية.

وحول مدى قدرة السلطة الفلسطينية على البحث في الخيارات من جديد بناءً على هذه التوجهات، قال أبو كريم أنها في موقف صعب، فالمجتمع الدولي يطالبها ببسط سيطرتها على المناطق التي تخضع لسلطتها في الضفة الغربية، لكن حدة المواجهة وممارسات الاحتلال، تضع السلطة وحركة فتح أمام تحديات كبيرة جداً، ولذلك فهي تعمل على دفع الأطراف الإقليمية والدولية لتحمل مسؤولياتها، وتعمل كذلك على محاولة تهدئة الشارع وامتصاص الضربات من خلال العمل الشعبي والعمل المقاوم ووجود قياداتها على الأرض، وفق ما يقوله منصور أبو كريم.

 

توجهات الجمهور الفلسطيني تجاه العلاقة مع الاحتلال

في قراءته وتعليقه على ما جاء في المحور الثاني من الدراسة، قال الباحث والمحلل السياسي د. حسن عبدو أن الاستطلاعات التي اعتمدت عليها الدراسة أظهرت وجود بونٍ واسعٍ بين المواقف السياسية للسلطة الفلسطينية فيما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال وبين الجمهور الفلسطيني وقواه السياسية، خاصة فيما يتعلق بقرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني وإعادة تعريف العلاقة مع الاحتلال وإلغاء الاعتراف بـ “إسرائيل”.

ففيما يتعلق بالتنسيق الأمني، أشار عبدو أن النتائج أظهرت أن الجمهور الفلسطيني عبر عن رفضه للتنسيق الأمني بما يزيد عن الثلثين وهي أغلبية كبيرة، وأنه برغم هذا الإجماع وبرغم قرارات المجلس المركزي بقي هذا السلوك السياسي (التنسيق الأمني) من قبل السلطة الفلسطينية على النقيض الكامل لما يطالب به الجمهور.

وأشار عبدو إلى أن الجمهور الفلسطيني أعرب بشكل واضح عن عدم ثقته بتنفيذ اللجنة التنفيذية لقرارات المجلس المركزي، وعن عدم ثقته بأن السلطة الفلسطينية ستذهب باتجاه وقف التنسيق الأمني، وأن هذا الأمر أظهر كما يقول عبدو غياباً كاملاً لثقة الجمهور بهذه السلطة، لدرجة أن (79%) من المستطلعة آراؤهم قالوا إن السلطة لم توقف التنسيق الأمني فعلاً، في مقابل (13%) فقط قالوا إنها أوقفته، ما يدل على أن القيادة الفلسطينية في واد والشعب الفلسطيني وتوجهاته السياسية في واد آخر.

نسبة “لا أدري” قليلة

ولفت عبدو النظر إلى أن نسبة من أجابوا بـ “لا أدري” في الاستطلاعات هي نسبة قليلة تراوحت بين (5%) إلى (7%)، مقارنةً مع الاستطلاعات الإسرائيلية على سبيل المثال التي تتجاوز فيها نسبة “لا أدري” (10%) وصولاً إلى (17%)، وهذا يدلل، وفق ما يقول عبدو، على أن الجمهور الفلسطيني هو جمهور واعٍ وغير مغيب فيما يتعلق بالأحداث الجارية.

كما عبر عبدو عن قلقه من نتائج سؤال الجمهور الفلسطيني حول نظرته لـ “إسرائيل” كنظام فصل عنصري، والتي بلغت فيها نسبة من أجابوا “نعم” (65%) في مقابل نسبة (27%) لمن قالوا “لا” والتي اعتبرها نسبة كبيرة لا يستهان بها وتدل على مشكلة.

مصادرة للإرادة الشعبية العامة

وفي المجمل رأى عبدو أن نتائج الاستطلاعات تشير إلى رغبةٍ شديدةٍ وواضحةٍ لدى الجمهور الفلسطيني في استمرار المقاومة وتصاعدها، ورفضٍ لأي مسعى لوأد المقاومة في الضفة الغربية، ورفضٍ واضحٍ لتوجهات السلطة الفلسطينية الأمنية..

ورأى عبدو كذلك أن هذه النتائج تشير إلى أن هناك مصادرةً كاملةً للإرادة الشعبية العامة وسطوٌ على كل التوجهات التي يريدها الشعب الفلسطيني، وأن هذا مؤشر يؤكد على أن هناك استبداداً واضحاً وكبيراً بالقرار السياسي، بل خطف للقرار السياسي بالكامل – على حد وصف عبدو – من الجمهور الذي هو حقه، لأن مصدر السلطات هو الشعب الفلسطيني فيما يتعلق بهذه القرارات المصيرية، والذي هو اليوم بمعظمه لا يؤيد توجهات السلطة الفلسطينية الحالية.

 

توجهات الجمهور الفلسطيني تجاه تقييم أداء السلطة الفلسطينية

في قراءته لنتائج المحور الثالث من الدراسة، سلّط الباحث والمحلل السياسي د. حسام الدجني الضوء على تأييد نسبة (70%) من الجمهور الفلسطيني لجماعات المقاومة المسلحة مثل “عرين الأسود”، موضحاً أنها تشير إلى أن جزءاً من حركة فتح مع هذه الجماعات بما يخالف توجهات قيادات اللجنة المركزية والرئيس محمود عباس، وأوضح أنه في حال أسقطنا هذه النسبة على استطلاعات سابقة حول توجهات الجمهور في الانتخابات الفلسطينية فإن نسبة (30%) الباقية لا تكفي للتعبير عن حجم تأييد حركة فتح.

وفي تفسيره لهذه النتيجة، عبّر الدجني عن رأيه بأن انسداد الأفق السياسي بات يصنع حالة تفاعل داخل حركة فتح تحديداً، كون هذا الأفق السياسي هو ما كان الرئيس عباس يسوّقه كمبرر للمضي في مسار التسوية، والآن بعد هذا الانسداد فإن جزءاً من فتح بات يؤمن أن المقاومة المسلحة هي الخيار في وجه سلوك الاحتلال وحكومته الحالية التي انتقلت من حالة إدارة الصراع إلى حسم الصراع.

تآكل شرعية السلطة وشعبيتها

وتوقع الدجني أن تصل نسبة تأييد المقاومة المسلحة إلى (80%) أو (90%) لو أعيد هذا السؤال في نهاية عام 2023 وبقيت الأوضاع الحالية كما هي، وفي رأيه فإن هذا يعطي مؤشراً حول مكانة السلطة الفلسطينية وتآكل شرعيتها وشعبيتها.

وسلّط الدجني الضوء على “نسب مخيفة” من وجهة نظره، فرأى في تعبير (55%) من الجمهور الفلسطيني عن خشيتهم من وقوع اشتباكات مسلحة، بين السلطة الفلسطينية ومجموعات المقاومة، مؤشراً لما سيحدث في قادم السنوات أو الشهور أو حتى الأسابيع القادمة، إذا لم تستدرك السلطة توجهات الجمهور الفلسطيني التي أظهرت معارضةً شديدةً لفكرة اعتقال المقاومين وتزايد حاضنة المقاومة والثقة بها، في ظل سلوك الاحتلال.

ورأى الدجني في معارضة نسبة (81%) من الجمهور الفلسطيني لفكرة تسليم المقاومين أنفسهم للسلطة انعداماً للثقة له ما يؤيده على الأرض، مثل الحالات التي تم اعتقالها كأحمد سعدات ورفاقه أو التي تم اغتيالها بعد خروجها مباشرة من سجون السلطة، وأن حالة عدم الثقة هذه أكدتها نسبة (59%) من الجمهور التي توقعت سلوك المقاومة الرافض لمحاولات نزع سلاحها من قبل السلطة، حيث كانت هذه النسب في رأي الدجني مؤشراً لما سيحدث بعد ذلك وحدث فعلاً في جنين على سبيل المثال، مستشهداً بمؤتمر جنين الذي عقدته فصائل المقاومة مؤخراً وهاجمت فيه سياسة السلطة وأجهزتها الأمنية ضدها.

وأضاف الدجني أن حالة عدم الثقة تم التعبير عنها كذلك في نسبة (62%) من الجمهور، التي قالت أن أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لن تشارك في مواجهة الاحتلال، وأن هذا مؤشر على الدور الوظيفي السيء للسلطة في نظر الجمهور.

السلطة عبء على الشعب

ووصف الدجني السؤال الذي وجهه الاستطلاع للجمهور حول ما إذا كانت السلطة الفلسطينية رافعةً للشعب الفلسطيني أم عبئاً عليه بأنه “مخيف”، حيث أن تصاعد نسبة من أجابوا بأنها “عبء” من (55%) إلى (63%) يؤكد على فكرة تآكل وانهيار السلطة، كما أن نسبة (51%) كانت مع خيار انهيار السلطة أو حلها في السؤال الذي بعده، أي أن أكثر من نصف الشارع الفلسطيني مع انهيار السلطة أو حلها، كما يقول الدجني، الذي يؤكد على رأيه بالإشارة إلى نسبة (42%) من الجمهور التي رأت أن هدف عقوبات الاحتلال ضد السلطة الفلسطينية هو إضعافها وليس انهيارها، ونسبة (60%) التي رأت أن مصلحة الاحتلال في بقاء هذه السلطة.

وأشار الدجني إلى أهمية أن يعبّر (51%) من الجمهور الفلسطيني عن موقفهم بأن منظمة التحرير هي ممثلهم الشرعي والوحيد، وأن هذا يؤكد على كيانية منظمة التحرير، إلا أن الجمهور يريد إصلاحها ودخول حركتي حماس والجهاد الإسلامي إليها وأعطى لذلك نسبة (65%).

وفي إجماله لما يعكسه المحور الثالث من الدراسة، يرى الدجني أنه يعكس تزايد حاضنة المقاومة، وتآكل شرعية وشعبية السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، كما يعكس حالة الإحباط من أداء حكومة اشتية، ويرى الدجني أن المطلوب فلسطينياً من قيادة السلطة الفلسطينية هو إعادة النظر بالسلطة ودورها الوظيفي والأمني، وثانياً إعادة النظر في أداء حكومة اشتية، وإعادة النظر في أداء الرئيس أبو مازن وخطاباته وعناصر القوة التي يمتلكها.

السلطة لم تتراجع

أما الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، وفي قراءته للمحور الثالث من الدراسة، فيرى أن السلطة الفلسطينية لم تغير من طبيعتها بعد 30 عاماً من توقيع اتفاق أوسلو، بالرغم من كل الأحداث التي جرت وتجري، وبالرغم من الأخطاء التي ارتكبت عند التفاوض والتوقيع على أوسلو..

وفي هذا السياق تطرق إبراهيم إلى اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بحق دولة “إسرائيل” في الوجود، في مخالفة للآلية المتبعة بالاعتراف بالدولة وليس حقها في الوجود، كما تطرق إلى احتواء اتفاق أوسلو على بنود تلزم الفلسطينيين بمحاربة الإرهاب والعنف، بما يسمح للاحتلال باعتبار المظاهرات ضد المستوطنين إرهاباً.

وأضاف إبراهيم أن الأخطر كان التنسيق الأمني، والذي تكرر الحديث عنه كثيراً في غالبية محاور هذه الدراسة، والذي وصل إلى مرحلة أن كل جهاز من أجهزة السلطة الأمنية ينسق مع الاحتلال ويعمل بشكل منفرد، فيما وصفه إبراهيم بـ “غابة من العمل لمصلحة الاحتلال”.

حقوق الإنسان الفلسطيني

وتحدث إبراهيم عن هشاشة السلطة الفلسطينية وضعفها تجاه احترام حقوق الإنسان الفلسطيني وتغليبها لمصلحة السلطة على مصلحة الناس، بما يؤكد الهوة الكبيرة بين المستوى السياسي وبين الجمهور الفلسطيني التي ذكرها المتحدثون من قبله.

وقال إبراهيم أنه لا توجد سيادة للقانون في الضفة الغربية، وأن هناك انتقادات من فتح وليس من منظمات حقوق الانسان للسلطة ولحكومة اشتية بسبب تدهور حالة حقوق الإنسان.

وتطرق إبراهيم إلى مسألة حل المجلس التشريعي، قائلاً إن عباس نقل صلاحيات المجلس التشريعي الدستورية إلى المجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير، مع أنه لم يعترف بمنظمة التحرير أنها هي من أنشأت السلطة الفلسطينية وأنها يجب أن تكون المرجعية لها، ولم يزل الخلاف بين حركة فتح والفصائل، حيث تريد فتح “إعادة ترتيب” منظمة التحرير وليس “إعادة بناء” كما تطالب الفصائل.

 

توجهات الجمهور الفلسطيني تجاه المصالحة والانتخابات

في قراءته للمحور الرابع، يشير الباحث السياسي د. وائل المبحوح إلى مؤشر خطير – من وجهة نظره – دل عليه تغيّر العينة في الاستطلاعات التي اعتمدت عليها الدراسة، موضحاً أنه عندما تكون العينة متغيرة وليست ثابتة، وعلى مدى أكثر من سنة ونصف، وتخرج هذه النتائج فهذا يعني أننا أمام حالة عامة تجاه القضايا التي تناولتها الدراسة.

وتطرق المبحوح إلى ما أظهرته النتائج برغبة نسبة عالية (72% إلى 69%) من الجمهور الفلسطيني في إجراء الانتخابات، مبدياً مخالفته لقراءة هذه النتائج على أن هناك اعتقاداً كبيراً لدى الجمهور بأن الانتخابات من شأنها معالجة الأزمات التي يعاني منها الشعب، حيث يرى المبحوح أن الانتخابات لا تعالج الازمات، مستدلاً بانتخابات عام 2006، التي صنعت أزمة ولم تعالج، بحسب ما يرى المبحوح، الذي قال إن ما يعالج الأزمات هو تغيير البرامج وتغيير طريقة التفكير.

وفي تعليقه على تقييم الجمهور المتدني لفرص إجراء الانتخابات، عبّر المبحوح عن اعتقاده بأن دور الجمهور هو تحميل المسؤولية لصاحب القرار في موضوع إجراء الانتخابات وهو الرئيس حصراً، وليس الفصائل التي لا صلاحية لها في مسألة إجراء الانتخابات.

سؤال البديل

وحول السؤال عن الجهة الأجدر بتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني، وتصويت الجمهور بأنه لا حماس ولا فتح جدير بذلك، بنسبة تصاعدت من (33%) في استطلاع مارس/ 2023 إلى (43%) في استطلاع يونيو/ 2023، عاب المبحوح على الاستطلاعات أنها لم تطرح سؤال البديل لنتعرف على رأي الجمهور حوله.

كما أبدى المبحوح معارضته للقول إن حركة حماس حصلت على نسبة ثقة أعلى من حركة فتح (29% حماس مقابل 25% فتح)، لأن الأغلبية أجابت على السؤال بأنه لا هذا ولا ذاك، إلا أن المبحوح قال إن هذا لا يتعارض مع إعطاء الجمهور ثقةً عاليةً في المقاومة، وهذا معناه أن الجمهور لديه من الوعي ما يستطيع فيه التفريق بين التنظيم كتنظيم في إدارته وعمله مع الناس وبين الفعل المقاوم، كما يقول المبحوح.

وختم المبحوح ملاحظاته مبدياً رأيه بأنه كان يفترض بالاستطلاعات إضافة أسئلة للجمهور حول ما هو الحل، في ضوء ما أظهرته هذه الاستطلاعات من عدم ثقة الجمهور الفلسطيني في نجاح المصالحة وإجراء الانتخابات.

 

حالة الإحباط

في تفسيره لتوجهات الجمهور التي أظهرتها الاستطلاعات، يرى المحلل السياسي د. رائد نجم أن الجمهور يشعر بالاستياء والإحباط من الوضع السياسي والاقتصادي والأمني، ويشعر بأنه ضعيف ووحيد أمام قمع الاحتلال وحكومته المتطرفة التي أوصدت الأبواب أمام كل الخيارات السياسية، وأن هذا ما جعله يدعم المقاومة بكل أشكالها.

ويضيف نجم إلى العوامل السابقة كذلك ضعف أداء السلطة الفلسطينية، وعدم قدرتها على الحماية، وعدم قدرتها على تحقيق إنجازات سياسية حقيقية، وأيضاً تدني مستوى الثقة في الفصائل الفلسطينية، وهذا مدعاة للتدارس من قبل كل الأطراف.

 

مسؤولية القوى السياسية

تساءل المحلل السياسي د. أمين دبور في مداخلته: كيف يمكن لمثل هذه الدراسات والاستطلاعات التي تجس نبض الشارع أن تنعكس على تغيير واقعنا السياسي؟ محملاً المسؤولية للفصائل وللقوى السياسية أكثر من الشعب، الذي قال أنه ينتظر ليرى ماذا ستفعل الفصائل والقوى السياسية. وأوضح دبور أنه من المفترض بالقوى السياسية قراءة هذه الاستطلاعات بشكلٍ جيدٍ جداً، وأن تخرج بنتائج تحمل معنىً عملياً بالتغيير.

وقال دبور أن هذه الاستطلاعات أعطتنا صورة عالية جداً من الوعي لدى شعبنا الفلسطيني، ومن المفترض أن تكون النخب والقوى السياسية على نفس هذا المستوى فيما تخرجه من توجهات وقرارات جديدة، واستهجن دبور حقيقة وجود استبداد سياسي في الحالة الفلسطينية كما أشارت إليه نتائج الاستطلاعات، وأن هذا الاستبداد لا يليق بشعب في حالة ثورة وفي حالة تحرر الوطني.

ويكمل دبور أن شعبنا أقوى من القيادات السياسية ومن النخب السياسية وسابق لها، ويفترض بهؤلاء أن يكونوا على نفس المستوى، وأن نحدد هل نحن في مرحلة تحرر وطني؟ أم بناء دولة “تحت بسطار المحتل الأجنبي” كما وصفها دبور.

ويوضح دبور أنه في حالة الثورة والتحرر الوطني فإن حالة الاشتباك هي الأساس، وإن المطلوب من النخبة أن تعزز هذه الحالة لا أن تتنبأ بانتهائها، مضيفاً أن الراحة ومراوحة المكان أو السكون هو الاستثناء، ويجب أن نبقى دوماً شوكة في عنق هذا المحتل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى