تحليلات

العدوان “الإسرائيلي” على غزة.. أهداف وتداعيات

خاص– اتجاهات

مقدمة:

شن جيش الاحتلال “الإسرائيلي” عدواناً جديداً على قطاع غزة تحت اسم “عملية الفجر الصادق” مطلع الشهر الجاري، بدأه باغتيال القائد في الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي “تيسير الجعبري”، وبعده أعلن الناطق باسم جيش الاحتلال تنفيذ “عمليات جراحية دقيقة” تستهدف حركة الجهاد الإسلامي فقط.

تأتي هذه العملية بعد إعلان جيش الاحتلال الاستنفار على طول الحدود مع قطاع غزة، خشية تنفيذ سرايا القدس تهديداتها بتنفيذ عمليات عسكرية ضد أهداف “إسرائيلية” رداً على اعتقال الشيخ بسام السعدي قائد حركة الجهاد الإسلامي في شمال الضفة الغربية.

نتج عن هذا العدوان، الذي استمر على مدار ثلاثة أيام، استشهاد 49 فلسطينياً، وتدمير العديد من المنازل والبيوت الآمنة.

 

أولاً: أهداف الاحتلال من وراء العدوان على قطاع غزة

أعلن جيش الاحتلال أن العملية تستهدف حركة الجهاد الإسلامي لإزالة “التهديد المباشر” الذي تقوم به الحركة، والذي أدّى إلى حالة من الاستنفار في مستوطنات ما يسمى “غلاف غزة” لمدة 4 أيام قبل بدء العدوان، غير أن هناك عدداً من الأهداف ذكرتها الصحافة “الإسرائيلية”، نرصد أبرزها فيما يأتي:

  1. أهداف سياسية انتخابية خاصة برئيس الحكومة “يائير لابيد” ووزير الدفاع “بيني غانتس” للمساهمة في رفع أسهمهما في الانتخابات “الإسرائيلية” المزمع عقدها في نوفمبر تشرين الثاني المقبل، وذلك وفق ما عبر عنه المحلل السياسي “الإسرائيلي” يوني بن مناحيم الذي قال: “إن العملية العسكرية في غزة أمنية لكنها ستستغل سياسياً في الانتخابات القادمة”.
  2. هدف أمني عسكري يتمثل في مضي جيش الاحتلال في تثبيت إستراتيجيته العسكرية “المعركة بين الحروب”، والقائمة على توجيه ضربات عسكرية ضد المنظمات المعادية لدولة الاحتلال بهدف قضم قدراتها العسكرية والأمنية وبالتالي إضعافها، وهذه السياسة مستمرة بغض النظر عن وضع الحكومة “الإسرائيلية” ما إذا كانت حكومة ثابتة أو انتقالية، وهذا ما عبّر عنه وزير الاتصالات “الإسرائيلي” في تصريحات إعلامية حينما قال: “أقترح على حماس أو غيرها الاعتبار من التاريخ ورؤية العمليات العسكرية التي كانت في عهد الحكومات الانتقالية”.
  3. قطع الطريق أمام مساعي المقاومة الفلسطينية لتثبيت معادلة الربط بين ساحات غزة والضفة والقدس والداخل المحتل، والتي أفرزتها معركة سيف القدس في مايو أيار 2021، وهذا ما أكده وزير الدفاع “الإسرائيلي” بيني غانتس في اتصالات مع نظرائه الإقليميين والدوليين حينما قال: “لن نسمح لحركة الجهاد الإسلامي بربط ما يجري في الضفة مع غزة”.
  4. تحييد جبهة قطاع غزة عن المشاركة في أي جولة تصعيد محتملة على الجبهة الشمالية في ظل التوتر القائم بين لبنان ودولة الاحتلال بسبب حالة الخلاف في مسألة ترسيم الحدود البحرية، وتصاعد التهديدات المتبادلة بين حزب الله ودولة الاحتلال.
  5. نزع الشرعية عن المقاومة الفلسطينية، والسعي لشق الصف الفلسطيني وإضعاف حالة الوحدة بين فصائل المقاومة في قطاع غزة، من خلال إعلان جيش الاحتلال أن المستهدف في هذا العدوان هو حركة الجهاد الإسلامي فقط، في محاولة منه لثني باقي فصائل المقاومة عن المشاركة في صد العدوان، وبالتالي التشكيك في جدوى وجود الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة في القطاع.

 

ثانياً: تداعيات العدوان

ألقى العدوان بتداعياته على عدة أطراف، وذلك على النحو الآتي:

  1. التداعيات على قطاع غزة: لقد أفرز العدوان “الإسرائيلي” جملة من التداعيات على قطاع غزة، يمكن تناولها على صعيدين:
  • على الصعيد المجتمعي: تعميق وزيادة حجم الأزمات التي يعاني منها القطاع، في ظل ازدياد أعداد الشهداء والجرحى والأسر المهجرة من منازلها المدمرة، ناهيك عن الآثار السلبية في ظل توقف قطاعات كبيرة عن العمل خلال العدوان (التجارة، الصناعة، الكهرباء)، ويأتي ذلك في حين لم يتجاوز القطاع آثار العدوان في مايو أيار 2021.
  • على صعيد المقاومة: على الرغم من خسارة المقاومة شخصيات قيادية بارزة بحجم قائدي المنطقة الشمالية والجنوبية في سرايا القدس، إلا أن هذه الجولة ستشكل فرصة للمقاومة لترتيب أوراقها ومعالجة جوانب الضعف التي برزت خلال الجولة، خاصة وأنه لا يوجد مؤشرات حول نجاح جيش الاحتلال في تحقيق أهدافه فيما يتعلق بالاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي وإضعاف عمل الغرفة المشتركة والإضرار بالحاضنة الشعبية لفصائل المقاومة.
  1. التداعيات على دولة الاحتلال: على الرغم من حديث قادة الاحتلال “الإسرائيلي” عن نجاح العملية العسكرية في تحقيق أهدافها، كما جاء على لسان وزير الدفاع “الإسرائيلي” بيني غانتس الذي قال أن دولته حققت ثلاثة أهداف مركزية وهي: “إزالة التهديد المباشر من غزة، والحفاظ على الحرية العملياتية على جميع الجبهات، تعزيز الردع مع إيصال رسالة واضحة للأعداء، وهي أن إسرائيل مصممة على حماية سيادتها ومواطنيها”، إلا أن هذه الجولة أظهرت ضعف وهشاشة الجبهة الداخلية لدولة الاحتلال، في ظل احتفاظ المقاومة بقدرتها على تعطيل مصالح دولة الاحتلال الحيوية من خلال استمرار اطلاق الصواريخ، ناهيك عن حالة الحظر التي فرضتها المقاومة على مستوطنات ما يسمى “غلاف غزة” لمدة أربعة أيام كاملة، قبل بدء العدوان.

للاطلاع على التحليل بصيغة PDF اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى