آراء

الحق في “غاز غزة”.. المحاولات والبدائل

 

اتجاهات

 

مع استمرار الحرب الروسية مع الغرب برزت إلى الواجهة أزمة طاقة عالمية، حيث القارة الأوروبية تعتمد اعتماداً كبيراً على الغاز لتسيير الحياة لمئات الملايين من المواطنين، ومع الأزمة وازدياد الحاجة العالمية للغاز، يتجدد الحديث عن البدائل للغاز الروسي، والتي من ضمنها غاز البحر الأبيض المتوسط والخليج وإيران، ومن بين كميات الغاز والتنقيبات والإمدادات.. تبرز قضية غاز غزة.

غاز غزة والذي يقع على بعد 20 كم من شواطئ مدينة غزة ويسيطر عليه الاحتلال بشكل كامل ويحرم الفلسطينيين من الاستفادة منه بأي شكل من الأشكال، يجري بين الفينة والأخرى طرح هذا الملف على طاولة المحاولات، فالسلطة الفلسطينية التي حاورت الاحتلال وفاوضته على حصة فلسطين من الغاز في البحر الأبيض المتوسط باعتباره جزءاً من الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967م، اصطدمت بالرفض والتعنت والمماطلة “الإسرائيلية”.

إلا أن وصول حركة حماس إلى الحكم عام 2006م، وما جرى بعد ذلك من سيطرتها على قطاع غزة عام 2007م وإطباق الحصار على غزة، وازدياد الانقسام السياسي، جعلها تفكر مجدداً في الحصول على حصة غزة من الغاز، لكن وبما أن الحركة تتبنى برنامج المقاومة المسلحة، فإن خياراتها كانت في أغلبها عسكرية، من قبيل التهديد بتوجيه ضربة لمنصات الغاز أو تضمين ملف غاز غزة ضمن شروط وقف إطلاق النار بعد أي صدام عسكري مع الاحتلال، وإذا ما رأت الحركة أنه بإمكانها استخراج الغاز من تلقاء نفسها، فقد جاءت بخطوات متواضعة باستخدام إمكانيات متواضعة في غزة كما كشف برنامج “ما خفي أعظم” الذي بثته قناة الجزيرة وتناول محاولات حماس للحصول على حصة من غاز غزة.

الثابت لدينا، وبعد حوالي ثلاثة عقود من الزمن، أننا لم نستطع الحصول على نتائج ملموسة على الأرض، نتائج ندرك من خلالها أننا قد استخدمنا الغاز المستخرج من بحرنا لنعتاش منه أو نبيع منه أو نستخدمه لتوليد الكهرباء أو أي منفعة أخرى.

فقد فشلت حتى اللحظة كل الطرق، المفاوضات لم تأتِ بشيءٍ؛ لأنها لا تستند إلى قوة ضاغطة، والحل العسكري لم يأتِ هو الآخر بشيءٍ وبقي الاحتلال مسيطراً على الغاز؛ لأنه – مشروع المقاومة – يعاني من النظرة الدولية ووسمه بالإرهاب، فيجد عندئذ صعوبات في مفاوضة الاحتلال أو جلب الخبراء في مجال استخراج الغاز وتسويقه أو الاستفادة منه بأي صورة، لذلك فإن الحل هو تحقيق الوحدة الوطنية الحقيقية.

نعم، تلك الوحدة الوطنية التي تبني تفاهماً ما بين برنامجي المفاوضات والمقاومة العسكرية، بحيث أن المفاوض يذهب ليفاوض الاحتلال، وهو يستند بالأساس على قوة ضاغطة، تماماً كما ذهب اللبنانيون في مطالبتهم بحقهم في الغاز والمناطق المتنازع عليها مع دولة الاحتلال، فلديهم المقاومة المسلحة “حزب الله” الذي يهدد بضرب منصات الغاز إذا لم يحصل لبنان على حقه، ولديهم الرئاسة والحكومة والبرلمان الذي يقابل السفراء وينخرط في مفاوضات غير مباشرة مع دولة الاحتلال.

صحيح أن النموذج اللبناني لم يحقق النتيجة النهائية بعد والمتمثلة في الحصول على حصة لبنان من الغاز، والاتفاق على المناطق المتنازع عليها، إلا أنه قد حقق مكتسبات تكتيكية من قبيل تعطيل عملية التنقيب، ما أدى لامتناع شركة “إنرجيان” المشغلة للمنصة عن التعامل مع دولة الاحتلال في التنقيب.

ما المطلوب منّا كفلسطينيين إذاً؟ وقد بات العالم كله يرتقب مصادر الطاقة والغاز، ليوفر البديل مع اقتراب الشتاء، هل مطلوب منّا أن نستفيد من النموذج اللبناني في التفاوض؟ أم يسير كل برنامج لدينا على النحو الذي يريد؟ لا النحو المنطقي الذي نريده نحن شعب فلسطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى