آراء

فشل أمني استخباراتي لدى الجيش والشاباك دفع بالعملية العسكرية في جنين

بقلم أ. ساري سعد

باحث ومختص بالقانون الدستوري والنُظم السياسية

 

طفا على السطح في الآونة الأخيرة نشاط عسكري غير مسبوق في مدينة جنين جعل منها رمزاً وحاضنةً للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، ويكمن السبب الرئيس خلف العملية العسكرية، التي بدأها الاحتلال فجر يوم الإثنين 3 يوليو 2023 باقتحام مدينة جنين، في العجز الذي مُنيت به المنظومة الأمنية والعسكرية لدى الاحتلال والذي نستعرضه في عدة نقاط:

  1. التخطيط والإعداد المستمر في جنين وتنامي القدرات لدى قوى المقاومة الفلسطينية في التنظيم والتجنيد للشباب، دون تمكن المنظومة الأمنية للاحتلال من كشف المُنظمين.
  2. استمرار التسليح والإمداد بالقدرات والتوجيه لصنع عبوات تفجيرية ناسفة تم استخدامها مؤخراً.
  3. دخول الصواريخ التجريبية ومحاولات إطلاق رشحت بعض من هذه التجارب للإعلام في بعض مقاطع الفيديو، وصرّح صالح العاروري بشكل رسمي عن صاروخ “قسام 1″، وهذا يثير حساسية عالية جداً لدى المنظومة الأمنية للاحتلال كيف وصلت طرق وهندسة صناعة وإطلاق الصواريخ إلى جنين.
  4. الوعي والإجراءات الأمنية التي بات يتخذها المقاومون في جنين، وظهر ذلك جلياً في عدة بيانات تطالب بعدم استخدام الهواتف الحديثة والظهور للإعلام، وكذلك مؤخراً تشييد شوارع جنين بأغطية ساترة من طائرات الاستطلاع؛ لتوفر بيئة آمنة قدر المستطاع لتحرك المقاومين المرابطين، وحظر التجول ليلاً وإغلاق مداخل المدينة.
  5. ترميز جنين كمدينة ومخيم مميز في عمله العسكري، ووصفه بـ “عش الدبابير” كونه أصبح قلعة للمقاومة، والخوف من استنساخ تجربة جنين واستلهامها في المدن والمخيمات الأخرى في الضفة الغربية.

كل ما سبق ساهم في قطع الطريق أمام المنظومة الأمنية للاحتلال في الحصول على معلومات وتنفيذ عمليات خاطفة باغتيالات أو تفجيرات أو تصفية من خلال الحصول على معلومات، وهذا العجز الأمني الاستخباراتي بات واضحاً جلياً ودفع بجيش الاحتلال للدخول الميداني إلى جنين.

اليوم، وإذ يعلن الاحتلال الإسرائيلي انسحابه من جنين وإنهاء عملياته بشكل سريع فيها، يؤكد هذا فشله في التقديرات الاستخباراتية والمعلومات، وهو الذي يعلن العثور على سراديب وأنفاق بدائية في جنين استخدمها المقاومون خلال العملية، ما قلل الخسائر في صفوف الفلسطينيين، وهذا يؤكد ما تحدثنا عنه في النقاط السابقة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى