تحليلات

المشهد الانتخابي في دولة الاحتلال والسيناريوهات المتوقعة

خاص– اتجاهات

 

مقدمة

قبل أقل من 24 ساعة على إجراء انتخابات الكنيست “الإسرائيلي” الـ 25، المقرر إجراؤها غداً الأول من تشرين ثاني/ نوفمبر 2022، سيطرت حالة من المزايدات والمناكفات الانتخابية داخل دولة الاحتلال، وذلك في ضوء العديد من استطلاعات الرأي التي أجرتها المواقع والقنوات الإخبارية العبرية، والتي تتنبأ بالحظوظ الانتخابية لمختلف الأحزاب والقوائم المشاركة في الانتخابات.

نرصد في هذه الورقة آخر تطورات المشهد الانتخابي داخل دولة الاحتلال، كما نقدم قراءة تحليلية في آخر استطلاعات الرأي وذلك للوقوف على سيناريوهات مستقبل المشهد الانتخابي في ضوء هذا الاستطلاعات.

 

أولاً: تطورات المشهد الانتخابي

يمكن تلخيص آخر تطورات المشهد الانتخابي داخل دولة الاحتلال في النقاط الآتية:

ο حالة من التماسك تشهدها قوى اليمين “الإسرائيلي” (الليكود، الصهيونية الدينية، شاس، يهودت هتوراة) بقيادة نتنياهو، في ظل تمسكها بنتنياهو رئيساً للحكومة القادمة، فبالرغم من حالة عدم الرضا التي يظهرها نتنياهو على تواجد إيتمار بن غفير ضمن معسكره، وهو ما ظهر جلياً خلال رفض نتنياهو التواجد بجانب بن غفير على منصة انتخابية، إلا أنه في تعليقه على سؤال حول وجود بن غفير كوزير في حكومته، لم يعارض نتنياهو الفكرة، وعلق قائلاً: “يمكن لبن غفير أن يكون وزيراً في حكومتي، لكن الحقائب الرئيسية مثل الأمن والخارجية والمالية ستكون في يد الليكود”.

ο ضمن حملته الانتخابية لتعزيز حظوظه في الانتخابات صرح وزير الدفاع بيني غانتس قائلاً: “إذا خسرنا الانتخابات سيكون هناك أناس متطرفون سيحرقون الشرق الأوسط”، في إشارة إلى بن غفير وسموتريتش، مضيفاً: “هناك ثلاثة سيناريوهات، لشكل الحكومة المقبلة، أن يكون نتنياهو على رأس حكومة متطرفة، أو أن يظل لبيد رئيس الوزراء الانتقالي والتوجه لانتخابات جديدة، والاحتمال الثالث هو أنني سأشكل الحكومة”، وهو ما يعكس حالة من التفكك يشهدها معسكر التغيير بقيادة لبيد، الأمر الذي يقلل من فرص المعسكر في تشكيل الحكومة القادمة.

ο حالة من التفكك تشهدها الأحزاب العربية، حيث تخوض انتخابات الكنيست الـ 25 غداً بثلاث قوائم انتخابية منفصلة، هي:

  • القائمة المُشتركة (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، الحركة العربية للتغيير).
  • التجمع الوطني الديموقراطي “بلد” برئاسة سامي أبو شحادة، الذي انشق عن القائمة المشتركة.
  • القائمة الموحدة “راعم” برئاسة منصور عباس.

في ضوء هذا التفكك سادت حالة من التراشق الإعلامي بين ” التجمع الوطني الديموقراطي” وبين كل من ” الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة” و”الحركة العربية للتغيير” حول أسباب الانفصال الذي حدث داخل القائمة المشتركة، ففي حين يدّعي كل من “الجبهة” و”التغيير” أن أسباب الانفصال تتعلق بالمحاصصة على ترتيب المقاعد داخل القائمة المشتركة، وأن “التجمع” يريد عدداً أكبر من المقاعد، في المقابل، اعتبر حزب التجمع الديمقراطي أن “الجبهة” و”التغير” أرادا إقصاءه من أجل أن يتسنى لهما التوصية على لبيد، وهو الأرجح في ضوء تصريحات زعيم الحركة العربية أحمد الطيبي.

 

ثانياً: قراءة في آخر استطلاعات الرأي

مع إعلان لجنة الانتخابات “الإسرائيلية” أن يوم 28/10/2022 هو اليوم الأخير في إجراء استطلاعات الرأي؛ تسود حالة من الترقب لما ستفرزه نتائج الانتخابات، والشخصية الأوفر حظاً لتشكيل الحكومة “الإسرائيلية” المقبلة، حيث نشرت العديد من المواقع والقنوات الإخبارية العبرية عدداً من استطلاعات الرأي حول حظوظ وفرص الأحزاب المشاركة في الانتخابات، وجاءت نتائجها على النحو الآتي:

القوى والأحزاب السياسية انتخابات مارس 2021 استطلاعات الرأي حول انتخابات الكنيست الـ 25
القناة 14

27/10

قناة كان

27/10

القناة 12

28/10

القناة 13

28/10

معاريف

28/10

قوى اليمين المُؤيدة لنتنياهو الليكود 30 34 31 30 30 31
شاس 9 9 8 8 8 9
يهودوت هاتوراة 7 7 7 7 7 6
الصهيونية الدينية 6 12 14 14 15 14
إجمالي عدد مقاعد قوى اليمين 52 62 60 59 60 60
البيت اليهودي يمينا 7 7 لا يجتاز نسبة الحسم
البيت اليهودي
مُعسكر التغيير الصهيوني هناك مستقبل 17 23 24 25 27 25
المعسكر الوطني ساعر 6 14 13 11 11 10 12
غانتس 8
آيزنكوت
إسرائيل بيتنا 7 6 6 6 5 6
حزب العمل 7 4 6 5 5 4
حزب ميرتس 6 4 5 5 4 5
إجمالي مقاعد معسكر التغيير 51 50 52 53 52 52
القائمة المُوحدة 4 4 4 4 4 4
القائمة العربية المشتركة الجبهة والتغيير 6 4 4 4 4 4
التجمع لا يجتاز نسبة الحسم

 

في قراءة لنتائج استطلاعات الرأي أعلاه، ومقارنتها بنتائج انتخابات الكنيست الـ 24، فإن هذه النتائج تُظهر استمرار حالة الجمود التي أفرزتها انتخابات الكنيست الماضية، وذلك على النحو الآتي:

  • تُشير استطلاعات الرأي إلى أنّ معسكر اليمين بقيادة نتنياهو لا يزال غير قادرٍ على تشكيل الحكومة القادمة، حيث يحصل المعسكر على متوسط (60) مقعداً، بزيادة 8 مقاعد عما حصل عليه في انتخابات الكنيست الماضية في آذار/ مارس 2021، مستفيداً من انهيار تحالف يمينا ومن تفكك القائمة المشتركة، وبالرغم من ذلك تبقى فرصة نتنياهو هي الأكبر في الحصول على تكليف رئيس الدولة لتشكيل الحكومة “الإسرائيلية” المقبلة، في ضوء تماسك كتلة اليمين والتفافها المطلق حول نتنياهو، ناهيك عن حصوله على العدد الأكبر من المقاعد.
  • أظهرت استطلاعات الرأي حفاظ أحزاب الحريديم (شاس ويهودت هتوراة) على قوتها الانتخابية بحصولها على (15) مقعداً بتراجع مقعد واحد عن الانتخابات الماضية.
  • أظهرت استطلاعات الرأي ارتفاع نسب التأييد السياسي لحزب “الصهيونية الدينية” بقيادة المتطرفَين سموتريتش وبن غفير، وحصوله على عدد (14) مقعداً، بزيادة (8) مقاعد عن المقاعد التي حصل عليها في الانتخابات الماضية، وذلك في ضوء المواقف المتطرفة للحزب وزعمائه، مما أدى لارتفاع شعبيتهم داخل المجتمع الصهيوني اليميني المتطرف، وذلك على حساب نسب تأييد حزب البيت اليهودي بقيادة شاكيد.
  • يُلاحظ من جميع استطلاعات الرأي عدم قدرة البيت اليهودي بقيادة شاكيد على تجاوز نسبة الحسم البالغة (3.25%) في حين تشير استطلاعات الرأي لحصول الحزب على نسبة تقارب (2%) فقط، وهو ما انعكس على سلوك نتنياهو لمُحاولة احتواء حرق الأصوات اليمينية، سيما على صعيد مساومة شاكيد للانسحاب من المشهد الانتخابي في محاولة استقطاب أصوات البيت اليهودي إلى أحد أحزاب اليمين الأخرى.
  • تُظهر استطلاعات الرأي حفاظ معسكر التغيير بقيادة لبيد على عدد المقاعد التي حصل عليها خلال الانتخابات الماضية بحصوله على متوسط (52) مقعداً بزيادة مقعد واحد عن عدد المقاعد التي حصل عليها في انتخابات الكنيست الـ 24، مستفيداً من انقسام القائمة المشتركة، وبالرغم من ذلك لا يزال مُعسكر التغيير غير مؤهل لتولي مسؤولية تكليف الحكومة المُقبلة في ظل حالة التفكك التي يعاني منها، بعد انسحاب تحالف يمينا بقيادة شاكيد من المعسكر، وتصريحات غانتس الأخيرة حول عزمه تشكيل الحكومة القادمة، ناهيك عن حاجة المعسكر للحصول على دعم القوائم العربية (الموحدة والمشتركة).
  • يستمر تراجع التمثيل العربي في الكنيست المُقبل؛ وذلك بحصول كل من القائمة المشتركة والقائمة الموحدة على (4) مقاعد لكل منهما، في حين لا تستطيع قائمة التجمع الوطني تجاوز نسبة الحسم بحصولها على ما نسبته (2.5%)، وهناك خشية حقيقية من فشل إحدى القائمتين (المشتركة أو الموحدة) في تجاوز نسبة الحسم في ظل الانخفاض المُتوقع في نسبة المُشاركة العربية في الانتخابات المُقبلة، كما أظهرته استطلاعات الرأي من عزوف محتمل داخل الوسط العربي عن المشاركة في الانتخابات، وهو ما دفع بالأحزاب والمكونات العربية لتكثيف حضورها في الوسط العربي، في مُحاولة لرفع نسبة التصويت في الانتخابات المُقبلة.

 

ثالثاً: سيناريوهات المشهد الانتخابي في ضوء نتائج آخر الاستطلاعات

إجمالاً، تستمر حالة عدم الحسم في السيطرة على المشهد الانتخابي داخل دولة الاحتلال في ظل عدم قدرة أي من المعسكرات في الحصول على الأغلبية لتشكيل الحكومة المُقبلة (61 مقعد)، وهو ما يعني استمرار تعقيدات المشهد الانتخابي “الإسرائيلي” في ظل استبعاد إمكانية حدوث تغيرات جوهرية على مشهد الخريطة الحزبية داخل دولة الاحتلال، سيما مع بقاء يوم واحد فقط على الموعد المُقرر لإجراء الانتخابات (المقرر إجراؤها غداً)، وإذا ما استمرت هذه الحالة في نتائج انتخابات الكنيست الـ 25، فسيكون المشهد “الإسرائيلي” أمام ثلاثة سيناريوهات:

  1. الذهاب نحو جولة انتخابية سادسة في مدة زمنية لا تتجاوز الثلاث سنوات، وهو السيناريو الذي لا ترغب أي من الأحزاب “الإسرائيلية” في الوصول إليه.
  2. إمكانية حدوث انشقاقات داخل الأحزاب أو التكتلات “الإسرائيلية”، تضمن انضمام شخصيات أو أحزاب لأحد التكتلات بما يضمن حصوله على الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة، يعزز هذا السيناريو من قدرة نتنياهو على تشكيل الحكومة القادمة في ظل تماسك تكتل اليمين وصعوبة انشقاق أي من الأحزاب المنضوية تحته عن دعم نتنياهو، في المقابل هناك حالة من التفكك وعدم الانسجام بين مكونات الائتلاف الحكومي الحالي، وبالتالي يبقى المجال مفتوحاً أمام انضمام أي من الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي (خاصة المعسكر الوطني بقيادة غانتس) لتحالف نتنياهو وتشكيل حكومة جديدة يتناوب فيها غانتس ونتنياهو على رئاسة الحكومة، حيث من المتوقع أن يطالب غانتس بتولي رئاسة الحكومة في الفترة الأولى مستفيداً من تجربته السابقة ومن تجربة نفتالي بينت.
  3. حدوث تغيرات تؤثر في النتائج النهائية للانتخابات، وبالتالي قد تتغير معها صورة المشهد السياسي داخل دولة الاحتلال، وذلك على ثلاثة أصعدة:
  • نجاح تكتل اليمين بقيادة نتنياهو في الحصول على 61 مقعد (هناك بعض استطلاعات الرأي أشارت لإمكانية تحقق ذلك) وبالتالي يضمن تشكيل الحكومة دون الحاجة لاستقطاب حلفاء آخرين.
  • فشل إحدى القوائم العربية، إلى جانب قائمة حزب التجمع، في تجاوز نسبة الحسم، سيمنح نتنياهو الأفضلية من خلال زيادة عدد المقاعد التي يمتلكها، وبالتالي يتمكن من تشكيل الحكومة “الإسرائيلية” القادمة دون الحاجة لعقد تحالفات جديدة مع أحزاب أو شخصيات من معسكر التغيير.
  • نجاح تحالف البيت اليهودي بقيادة شاكيد في تجاوز نسبة الحسم، وانضمامها لحكومة نتنياهو، حيث ألمحت شاكيد إلى إمكانية دعم نتنياهو لتشكيل الحكومة القادمة، الأمر الذي يعزز من فرص نتنياهو في تشكيل الحكومة القادمة بدعم من شاكيد.

 

للاطلاع على التحليل بصيغة PDF اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى