تحليلات

قراءة في عملية القدس

خاص – اتجاهات

أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية مقتل 8 مستوطنين وإصابة 10 آخرين ثلاثة منهم وصفت حالتهم بالخطيرة، في عملية إطلاق نار كبيرة نفذها مواطن فلسطيني مساء أمس الجمعة في كنيس يهودي في مستوطنة “نفيه يعقوب” شمال مدينة القدس المحتلة.

نقدم في هذه الورقة قراءة لأبرز ردود الفعل الاسرائيلية على العملية والسياقات التي جاءت فيها، للوقوف على دلالات وابعاد العملية فلسطينيا وإسرائيليا.

أولاً: ردود الفعل الاسرائيلية على العملية

أثارت العملية الفدائية في القدس جملة من ردود الفعل داخل دولة الاحتلال، تعكس في مجملها حالة الصدمة التي خلفتها العملية في نفوس قادة الاحتلال، جراء العدد الكبير من القتلى، وارتباط العملية بما حدث في جنين من قتل لــ 10 فلسطينيين في مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال قبل يومين، واحتمالية تكرار مثل تلك العمليات، مع حملها نبرات تهديد ووعيد للفلسطينيين، نرصد فيما يلي أبرز تلك الردود:

  1. رئيس الحكومة “بنيامين نتنياهو” في تصريحات من موقع العملية، قال: “هذه من أسوأ الهجمات التي شهدناها في السنوات الأخيرة، قمنا بتقييم الوضع واتخذنا بعض الإجراءات الفورية”، وأضاف “العمليات الفردية التي لا تقف خلفها بنية تحتية هي أكثر ما يقلق المؤسسة الأمنية”.
  2. وزير الجيش الإسرائيلي “يؤاف غالانت” قرر قطع زيارته للولايات المتحدة والعودة لدولة الاحتلال، وخلال تقييم للوضع نقلت وساىل إعلام “إسرائيلية” عن “غالانت” قوله: “ستعمل المؤسسة الأمنية تحت قيادتي بجدية ودون مساومة ضد العمليات وستصل إلى جميع المتورطين في عملية القدس”.
  3. وزير الأمن القومي “إيتمار بن غفير”: “علينا الرد على الهجوم في القدس لأن الوضع لا يمكن أن يستمر على هذا النحو، سنجعل أكبر عدد من المستوطنين يحملون أسلحة في الشوارع وسنغير إجراءات فتح إطلاق النار”.
  4. مفوض الشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي: وصف عملية إطلاق النار بالمعقدة والصعبة، قائلا: “هذه واحدة من أسوأ الهجمات التي واجهناها في السنوات الأخيرة”، وقد اكد شبتاي أن منفذ العملية هو فلسطيني واحد “ذئب منفرد” وفتح النار على كل المارة في طريقه.
  5. صحيفة يديعوت أخرونوت: “عملية اليوم هي الأصعب والأكثر دموية منذ 15 عاما على مستوى العمليات المسلحة”.
  6. موقع والا الاخباري: “الخوف في الوقت الحالي هو تقليد العملية ليس فقط في القدس ولكن أيضًا في الضفة الغربية”.

ثانياً: السياقات التي جاءت فيها العملية

جاءت عملية القدس في ضوء عدة متغيرات، نجملها في الآتي:

  1. تشكيل حكومة “إسرائيلية” جديد تعتبر الأكثر تطرفاً، لم يمر سوى أقل من شهر على تشكيلها.
  2. تبني الحكومة “الإسرائيلية” سياسة تصعيدية في العلاقة مع الفلسطينيين، مزيد من القتل والتهويد والاستيطان، وهو ما كان واضحا من خلال:
    • اقتحام وزير الأمن القومي المتطرف “إيتمار بن غفير” المسجد الأقصى والتهديد بمزيد من الاقتحامات والتهويد.
    • تحدثت تقارير اسرائيلية عن مشاريع لبناء ١٨ ألف وحدة استيطانية في مناطق ج في الضفة الغربية، ما يشير لعزم حكومة نتنياهو على تنفيذ عملية ضم فعلي لأجزاء من الضفة الغربية.
    • تصاعد عمليات القتل والاعدامات الميدانية بحق الفلسطينيين حيث بلغ عدد الشهداء منذ بداية العام ٣٠ شهيداً.
    • تنفيذ الجيش الاسرائيلية عملية اقتحام لمخيم جنين تعد الأكبر منذ عملية السور الواقي في الضفة عام ٢٠٠٢، أدت لاستشهاد ٩ فلسطينيين.
  1. تصاعد الفعل المقاوم في الضفة الغربية والقدس، وفشل آلة القتل “الإسرائيلية” في كسر موجات المقاومة، وتصاعد التحذيرات من الذهاب نحو التصعيد.

 

ثالثاً: دلالات وأبعاد العملية

تحمل العملية عدة دلالات نجملها في النقاط التالية:

  1. العملية تأتي كامتداد لحالة المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية والقدس، حيث لا يكاد يمر يوم بدون عمل مقاوم، وجاءت هذه العملية لتؤكد استمرار جذوة المقاومة وأن ممارسات الاحتلال من عمليات قتل وتدمير لن تقلل من عزم وقوة الفلسطينيين عن معاقبة الاحتلال ومستوطنيه.
  2. العملية تأتي كرد طبيعي على استمرار جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، حيث جاءت العملية بعد يوم واحد فقط من العدوان الاسرائيلي على مخيم جنين واستشهاد ٩ فلسطينيين، في رسالة واضحة لنتتياهو وحكومته أن القتل والعنف الذي يمارس ضد شعبنا الفلسطيني، سيجلب مزيد من العمليات الفدائية، وأن أي عدوان على شعبنا الفلسطيني سيدفع الاحتلال ومستوطنيه ثمنه.
  3. تأتي العملية كرسالة تحدي لحكومة نتنياهو، التي وعدت ناخبيها وجمهورها الإسرائيلي بالأمن والأمان، بأنه لا أمن لكم في ظل هذه الحكومة اليمينية المتطرفة التي تنادي بمزيد من القتل والتهويد والاستيطان وتقرر سياسات لأجل هذا الهدف.
  4. تعد هذه العملية هي الأولى من نوعها منذ 15عاماً، تخلف هذا العدد من القتلى في صفوف المستوطنين، وبالرغم من تصريحات الاحتلال أن المنفذ هو ذئب منفرد ولا ينتمي لأي فصيل، إلا أن عدد القتلى الكبير ومكان الاصابة_ في الأجزاء العلوية من الجسد_ وباستخدام مسدس فقط، تشير إلى تخطيط وتدريب عالي المستوى مر به الشهيد/ خيري علقم.
  5. منفذ العملية الشهيد/ خيري علقم لم يتجاوز عمره ال ٢١ عاما، وهو امتداد للجيل الشاب الذي يقاوم الاحتلال، ما يدلل بشكل واضح أن الحالة الثورية التي تشهدها مدن الضفة الغربية والقدس باتت في حالة تزايد وتسارع ومن الصعب الحديث عن مثبطاتٍ تقف أمام نشاط الشباب المقاوم في الضفة الغربية المحتلة.
  6. العملية رسالة واضحة لوحدة الدم الفلسطيني فالكل الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده متوحدا في مهاجمة الاحتلال والرد على جرائمه.
  7. العملية جاءت كدليل واضح على فشل عملية “كاسر الأمواج” التي أطلقها الجيش الإسرائيلي قبل أكثر من ١٠ شهور لكسر موجات المقاومة في الضفة الغربية والقدس.
  8. وجاءت أيضاً كدليل على فشل سياسات التي ينادي بها “بن غفير”، وهي تعليمات إطلاق النار وتنفيذ الاعدامات الميدانية، حيث أن الشرطة “الإسرائيلية” وصلت المكان بعد وقت كبير من تنفيذ العملية، ما يعني عدم قدرتها على الاستنفار طوال الوقت كما يريد “بن غفير”.

للاطلاع على التحليل بصيغة PDF اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى