تحليلات

“إسرائيل” وحزب الله أبعد ما يكونا عن المواجهة

تقدير موقف

خاص– اتجاهات

 

بعد يومين من ردود الفعل الإيجابية بين لبنان ودولة الاحتلال حول مسودة اتفاق ترسيم الحدود البحرية بينهما والتي قدمها الوسيط الأمريكي، سادت حالة من التوتر بعد إعلان رئيس الحكومة “الإسرائيلية” يائير لابيد رفض حكومته للتعديلات اللبنانية على مسودة الاتفاق، وأن حكومته ماضية في الحفاظ على حقوقها المائية في البحر الأبيض المتوسط، ومن ثَمّ توجيه وزير الدفاع بيني غانتس أوامره لجيش الاحتلال للاستعداد لإمكانية حدوث تصعيد مع حزب الله في الشمال.

في ضوء ذلك تصاعدت التحليلات والتقديرات التي تُشير إلى إمكانية الذهاب نحو مواجهة جديدة بين حزب الله ودولة الاحتلال في ظل تهديدات الحزب باستهداف منصة كاريش، في حال أقدمت دولة الاحتلال على استخراج الغاز من حقل كاريش دون اتفاق مع الدولة اللبنانية.

 

بالرغم من التهديدات المتبادلة بين حزب الله ودولة الاحتلال، إلا أنه من غير المرجح الذهاب بعيداً نحو مواجهة واسعة بينهما، وذلك لعدة أسباب أهمها:

• على الصعيد اللبناني: يعيش لبنان أزمات متعددة اقتصادية وسياسية، ودخول حزب الله في حرب جديدة مع دولة الاحتلال سيعمق هذه الأزمات وسيتسبب في كوارث ودمار للبنان بكامله، وخسائر فادحة للحزب، لا يرغب الحزب في التسبب بها.

• على الصعيد “الإسرائيلي”: دولة الاحتلال تمر هي الأخرى بظروف تشكل كابحاً أمام الدخول في مواجهة واسعة مع حزب الله، أهمها:

  1. انتخابات الكنيست الـ 25 المقرر عقدها بعد ثلاثة أسابيع من الآن، وحاجة “لابيد” و”غانتس” لإنجاز الاتفاق وتسويقه كنجاح لهم وليس كفشل، خاصة في ظل اتهامات نتنياهو لهم بالرضوخ لتهديدات حزب الله.
  2. سخونة جبهة الضفة الغربية وتصاعد الفعل المقاوم فيها، ناهيك عن حالة الترقب في قطاع غزة.
  3. حاجة دولة الاحتلال إلى تركيز جهودها لمواجهة الملف النووي الإيراني خاصة في ضوء المساعي الأمريكية للتوصل لاتفاق نووي جديد.
  4. عدم رغبة الجيش في الدخول في مواجهة مع حزب الله في الوقت الحالي، في ظل يقظة الحزب وجهوزيته، خاصة أن تقديراتهم تشير إلى أن الحزب يمتلك قدرات برية وبحرية وجوية قادرة على تكبيد دولة الاحتلال خسائر فادحة في الجبهة الداخلية.

 

بين هذا وذاك هناك الموقف الأمريكي الذي يرغب ويضغط باتجاه التوصل إلى اتفاق، لسببين رئيسيين:

  1. إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ومنذ نجاحه في الانتخابات الأمريكية، تسعى وتعمل على شرق أوسط أكثر هدوءاً، وهذا ما عكسه سلوك الإدارة الأمريكية خلال العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزة عام 2021 وضغطها على حكومة نتنياهو لإنهاء العدوان، وكذلك السعي الأمريكي للتوصل لاتفاق نووي جديد مع إيران، لذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لإزالة فتيل التوتر بين لبنان ودولة الاحتلال من خلال التوصل إلى اتفاق.
  2. أزمة الطاقة العالمية وحاجة العالم، خاصة أوروبا، إلى النفط والغاز، في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية و”الابتزاز” الروسي لأوروبا في إمدادات الغاز.

 

وعليه يمكن قراءة التهديدات المتبادلة بين الطرفين أنها تأتي في إطار الضغط لتحسين بنود الاتفاق، ومن غير المتوقع أن يصلا إلى المواجهة المباشرة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى