تحليلات

غواصة أمريكية إلى المنطقة.. الدلالات والرسائل

خاص– اتجاهات

 

أرسلت البحرية الأمريكية غواصة، تعمل بالطاقة النووية ومزودة بصواريخ موجهة، إلى الشرق الأوسط دعماً للأسطول الخامس الأمريكي الذي يتخذ من البحرين مقراً له، وقال المتحدث باسم الأسطول الخامس الأمريكي “تيموثي هوكينز”، في بيان له أول أمس السبت، إن الغواصة “يو إس إس فلوريدا” قد دخلت البحر الأحمر متوجهة إلى الخليج، وأنها تحمل 154 صاروخاً من طراز “توماهوك” التي يصل مداها 2500 كم.

تقول الولايات المتحدة الأمريكية أن إرسال غواصتها يأتي بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، لكن وصول الغواصة إلى الخليج يحمل مجموعة من الدلالات والرسائل السياسية والأمنية، وفيما يأتي نقرأ دلالات وصول هذه الغواصة إلى المنطقة والحاجات والرسائل الأمريكية من وراء إرسالها.

 

دلالات وصول الغواصة الأمريكية إلى المنطقة:

1- أن الوجود الأمريكي في المنطقة بات ضعيفاً، وهناك العديد من الشواهد التي تدعم هذا الضعف، أبرزها الاتفاقيات الإيرانية مع السعودية والعراق، وقيام إيران بفتح عدة جبهات ضد واشنطن، حيث ضربت القواعد الأمريكية في سوريا، ومؤخراً وجهت ضربات صاروخية لــ “إسرائيل” الحليف الأبرز لواشنطن، لذلك، تريد الولايات المتحدة تعزيز وجودها في المنطقة من خلال إرسال هذه الغواصة، وربما نشاهد في الأيام القادمة إجراء مناورات مشتركة بين أمريكا وعدد من الجيوش في المنطقة، أو إرسال قاذفات استراتيجية.

2- توجه إيران في الوقت الراهن لفتح جبهات في عدة مناطق، فقد فتحت بالفعل عدة جبهات في سوريا ولبنان، حيث تمكنت من توجيه ضربات صاروخية من خلال حلفائها صوب “إسرائيل”، واستهدفت ضربات أخرى مواقع وقواعد أمريكية شرق سوريا، مع استمرار إيران في دعم حالة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية ضد “إسرائيل”، ومواصلتها التموضع في سوريا، وأخيراً، طالعتنا تقارير أمريكية بنية إيران تنفيذ هجمات ضد سفن إسرائيلية في الخليج بواسطة طائرات مسيّرة، وهو ما يؤكد نية إيران وقدرتها على فتح جبهة في الخليج، وهذا يقلق واشنطن.

3- هناك حالة ضعف عام تمر بها “إسرائيل” إلى جانب الضعف الأمريكي، حيث تعاني “إسرائيل” من أزمة داخلية نتيجة مظاهرات المعارضة الرافضة للتعديلات القضائية، وهذا الضعف “غير المسبوق” دفع بمنظمات المقاومة المتحالفة مع إيران إلى مهاجمة “إسرائيل”.

4- يمكن القول إن اتفاقات التطبيع بين “إسرائيل” والإمارات والبحرين قد فشلت في جانبها الأمني، حيث أن الحاجة الأمنية لـ “إسرائيل” في اتفاقيات التطبيع كانت تتمثل في تحويل الإمارات والبحرين إلى قواعد أمنية إسرائيلية متقدمة للعمل من خلالها ضد إيران، وهو ما لم يتم حتى اللحظة، وكذلك فشل فكرة تكوين “نيتو عربي – إسرائيلي” للعمل ضد إيران، وهذا ما دفع الولايات المتحدة لإرسال جزء من عتادها العسكري الاستراتيجي للمنطقة من أجل طمأنة حلفائها.

 

الرسائل والحاجات الأمريكية من وراء إرسال الغواصة إلى الخليج:

بالرغم من أن إرسال الغواصة لا يعني إعلان حرب ضد أي دولة، لكن إرسالها في هذا التوقيت وإلى هذه المنطقة المتوترة يحمل مجموعة من الرسائل، أبرزها:

1 – هناك حاجة إلى تعزيز صورة الهيبة الأمريكية في المنطقة، وأنها ما زالت تسيطر برغم حالة التراجع أو الانشغال بملفات أخرى، مثل حرب روسيا على أوكرانيا.

2 – رسالة ردع أمام إيران، والتي لا تتورع عن بث التهديدات وتوتير منطقة الخليج بين الفينة والأخرى في سبيل إثبات سيطرتها هي الأخرى على منطقة أمنها الإقليمي.

3 – رسالة طمأنة لـ “إسرائيل” الحليف الأكبر لواشنطن في المنطقة، خصوصاً بعد فتح مجموعة من الجبهات ضدها في الشمال، ونية إيران مهاجمة السفن الإسرائيلية في الخليج.

4 – رسالة إلى السعودية، وهي حليف مهم لواشنطن، وهذه الرسالة بمثابة مغازلة للسعوديين للابتعاد عن المربع الصيني، وتعزيز الوجود السعودي في المربع الأمريكي.

5 – محاولة الولايات المتحدة قطع الطريق أمام الصين وتوسّعها في المنطقة، حيث وصلت بتجارتها وموانئها وطرقها وتحالفاتها إلى عمق الخليج، ومنه إلى إفريقيا، وكل هذا على حساب النفوذ الأمريكي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى