دراسات

يوآف غالانت وزير جيش الاحتلال الجديد

مركز اتجاهات للدراسات والأبحاث

 

مقدمة:

نجحت قوى اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة الـ 37 في دولة الاحتلال والسادسة برئاسة نتنياهو، وذلك بعد نجاح قوى اليمين في الحصول على 64 مقعد في انتخابات الكنيست الـ 25 التي جرت في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حيث أعلن رئيس الحكومة الجديدة بنيامين نتنياهو تعيين “يوآف غالانت” وزيراً للجيش خلفاً لبيني غانتس.

يقدم مركز اتجاهات للدراسات والأبحاث هذه الدراسة حول شخصية يوآف غالانت، وأهم المناصب التي شغلها ومواقفه من التهديدات والتحديات التي تواجهها دولة الاحتلال، وذلك ضمن سلسلة دراسات يتناول فيها المركز الشخصيات المؤثرة داخل دولة الاحتلال؛ للتعريف بها ورصد مواقفها وفهم سلوكها تجاه القضية الفلسطينية وقضايا المنطقة.

 

أولاً: السيرة الذاتية لـ “غالانت”

بطاقة تعريفية لـ “غالانت”:

الاسم: يوآف غالانت
تاريخ الميلاد: 8 نوفمبر 1958
مكان الميلاد: مدينة يافا
الحالة الاجتماعية: متزوج ولديه ثلاثة أبناء

 

النشأة وحياته الدراسية والعلمية:

  • ولد يوآف غالانت عام 1958 لوالدين من “بولندا” نَجَيَا من المحرقة النازية، حيث هاجرا إلى دولة الاحتلال عام 1948، وقد خدم والده في جيش الاحتلال وكان أحد القناصة البارزين في الجيش.
  • سُمي يوآف بهذا الاسم على اسم “عملية يوآف” التي شارك فيها والده، حيث كان أول جندي يقتحم قرية “عراق سويدان” الفلسطينية الواقعة قرب المجدل.
  • حصل غالانت على شهادة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في إدارة الأعمال والإدارة المالية من جامعة حيفا.

 

حياته العسكرية وأهم المناصب التي شغلها:

  • بدأ يوآف غالانت حياته العسكرية عام 1977 في كوماندوز البحرية ضمن صفوف وحدة “شييطت 13” (الأسطول الصغير 13)، وهي عبارة عن وحدة قوات خاصة تابعة للقوات البحرية في جيش الاحتلال متخصصة في عمليات التوغل من البحر إلى الأرض، والاغتيالات، ومكافحة الإرهاب وجمع المعلومات الاستخبارية البحرية.
  • عام 1986 عُين قائداً لسرية من الجنود في وحدة “شييطت 13”.
  • عام 1993 تم تعيينه قائداً للواء جنين في المنطقة الوسطى في الضفة الغربية.
  • عام 1994 تم تعيينه قائداً لوحدة “شييطت 13”.
  • عام 1997 تم تعيينه قائداً لفرقة غزة (وهي فرقة تابعة لقيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، مسؤولة عن أمن الحدود مع قطاع غزة).
  • عام 1999 تم تعيينه قائداً لفرقة سلاح المدرعات في قوات الاحتياط التابعة للقيادة المركزية.
  • عام 2001 تم تعيينه قائداً للقوات البرية في جيش الاحتلال.
  • عام 2002 تم تعيينه في منصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء “أرئيل شارون”، وتمت ترقيته إلى رتبة لواء.
  • عام 2005 تم تعيينه قائداً للمنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، وتعرّض الجيش خلال فترة ولايته كقائد للمنطقة الجنوبية لانتكاسة كبيرة تمثلت في أسر الجندي “جلعاد شاليط” من قبل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
  • عام 2008 قاد الحرب على قطاع غزة في عملية أطلق عليها الاحتلال اسم عملية “الرصاص المصبوب”.
  • عام 2010 أعلن أيهود باراك وزير الجيش في حينه تعيين يوآف غالانت رئيساً لهيئة الأركان، غير أن لجنة تيركل (وهي اللجنة المكلفة بمراجعة التعيينات الرفيعة في الدوائر الحكومية) رفضت التعيين وذلك على خلفية تورط غالانت في “وثيقة هرباز” (هي وثيقة مزوّرة قام بإعدادها المقدَّم احتياط بوعاز هرباز عام 2010، واحتوت الوثيقة على خطة لرسم صورة إيجابية وحسنة لـ “غالانت”؛ لترشيحه لمنصب رئيس الأركان على حساب منافسه وقتها بيني غانتس، الذي تم تقديمه بصورة سلبية).

 

حياته السياسية:

  • بدأ يوآف غالانت حياته السياسية عام 2014، بعد انتهاء فترة التجميد للعسكريين (والمحددة بثلاث سنوات)، حيث انضم لحزب “كولانو” بزعامة “موشيه كحلون”.
  • عام 2015 خاض غالانت انتخابات الكنيست الـ 20 ضمن قائمة حزب “كولانو” وكان الشخصية الثانية في القائمة، وبعد نجاح الحزب في الانتخابات شغل غالانت منصب وزير الإسكان في حكومة نتنياهو الرابعة، وتم تعيينه كعضو مراقب في المجلس الوزاري المصغر “الكابينت”.
  • عام 2019 انضم غالانت لحزب الليكود بعد تفكك حزب كولانو، وشغل منصب وزير الهجرة والاستيعاب.
  • عام 2020 شغل غالانت منصب وزير التربية والتعليم في حكومة نتنياهو- غانتس لمدة عام.

 

ثانياً: تعيين “يوآف غالانت” وزيراً لجيش الاحتلال

خاض يوآف غالانت مؤخراً انتخابات الكنيست الـ 25 ضمن قائمة حزب الليكود، حيث جاء في المرتبة الخامسة على قائمة الحزب.

تعتبر وزارة الجيش إحدى أهم الوزارات داخل دولة الاحتلال، وكانت محل تنافس بين حزب الليكود وحزب الصهيونية الدينية بزعامة “بتسلئيل سموتريتش”، حيث أعلن “سموتريتش” خلال مفاوضات تشكيل الحكومة رغبته في تولي وزارة الجيش، غير أن حزب الليكود كان مصراً على الاحتفاظ بحقيبة وزارة الجيش، حيث أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تعيين غالانت وزيراً للجيش خلفاً لبيني غانتس.

ونزولاً عند رغبة “سموتريتش” تم التوافق على تعيينه وزيراً إضافياً في وزارة الجيش، ليكون مسؤولاً عن الإدارة المدنية وتنسيق عمليات حكومة الاحتلال في المناطق الفلسطينية، إضافةً إلى مهام منصبه كوزير للمالية.

 

ثالثاً: أهم الصفات والسمات الشخصية لـ “غالانت”

عند ترشيه لمنصب رئيس هيئة الأركان في عام 2010 – قبل أن يتم رفض تعيينه – وصفته وسائل الإعلام في دولة الاحتلال حينها بأنه شخصية قيادية ومهنية، لديه استعداد للمخاطرة، وأنه يفضل الخيار الهجومي، واعتبروا تواجده على رأس جيش الاحتلال بمثابة رسالة لإيران بأن دولة الاحتلال لا تجلس مكتوفة الأيدي عن مواجهة البرنامج النووي الإيراني.

 

رابعاً: أبرز التحديات التي تواجه جيش الاحتلال تحت قيادة “غالانت”

خلال حفل تسليم وتسلم وزارة الجيش رسم يوآف غالانت التحديات التي تواجه وزارته خلال الفترة القادمة، والتي تمثلت في التالي:

  1. البرنامج النووي الإيراني: وصفه غالانت بالتهديد الرئيسي والأول، قائلاً: “إن التهديد الرئيسي والأول المحدق بإسرائيل هو سعي إيران إلى الحصول على قدرات نووية عسكرية”، مضيفاً أن وزارته “ستعكف على إعداد الرد الذي سيتيح لحكومة إسرائيل أن تتخذ أي قرار حول التصدي للجهود النووية الإيرانية”. وهذا ما أكد عليه رئيس الحكومة نتنياهو في قوله: “إن المهمة الأولى التي أمامنا هي إحباط جهود إيران في تطوير السلاح النووي الذي يهدد أمن إسرائيل والعالم”.
  2. قطاع غزة: وضع غالانت تهديدات قطاع غزة في المرتبة الثانية.
  3. الضفة الغربية: وضع غالانت تهديدات الضفة الغربية في المرتبة الثالثة، قائلاً: “إن الجهود النووية التي تقودها إيران، والصواريخ التي تم إطلاقها من غزة، وكل عمليات إطلاق النار على قوات الجيش في الضفة، لها هدف مشترك هو إضعافنا وإلحاق الخوف بنا ومشاهدة تدميرنا، لن ينجحوا في هذا الغرض”.

بجانب تلك التحديات أضافت وسائل إعلام “إسرائيلية” تحديات جديدة على الصعيد الداخلي، محذرة من حالة التباين المتوقع في ظل تقاسم المسؤوليات داخل وزارة الجيش بين ثلاثة وزراء:

  • يوآف غالانت بصفته وزير الجيش.
  • بتسلئيل سموتريتش بصفته وزير في وزارة الجيش مسؤول عن الإدارة المدنية وتنسيق عمليات الحكومة في المناطق الفلسطينية.
  • إيتمار بن غفير بصفته وزير الأمن القومي مع صلاحيات موسعة على شرطة حرس الحدود.

 

خامساً: موقف “يوآف غالانت” من الحرب على غزة

كقائد للمنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال قاد يوآف غالانت العدوان الذي بدأه الاحتلال على قطاع غزة في 27 كانون أول/ ديسمبر من العام 2008، تحت اسم عملية “الرصاص المصبوب”، والذي استمر مدة 23 يوماً، وخلف أكثر من (1400) شهيد وأكثر من (4500) جريح وآلاف المنازل المدمرة، حيث هدف جيش الاحتلال من وراء تلك العملية تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:

  1. القضاء على قوى المقاومة في قطاع غزة ووقف إطلاق الصواريخ على “غلاف غزة”.
  2. استعادة الجندي الأسير “جلعاد شاليط”، الذي تم أسره في عام 2006.
  3. استعادة قوة الردع التي افتقدها الاحتلال بعد حرب لبنان عام 2006.

قبل نهاية الحرب وعند استشعار قادة الاحتلال أنه لا يمكن القضاء على قوى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وأن الاستمرار في العملية سيكلف دولة الاحتلال ثمناً باهظاً، طلب يوآف غالانت من وزير الحرب في حينه أيهود باراك المصادقة على توسيع العملية العسكرية البرية، والبدء في شن المرحلة الثالثة منها التي تشمل الزج بقوات احتياط كبيرة إلى قطاع غزة واحتلال أجزاء كبيرة منه، محذراً – في حينه – أنه في حال لم يتم توسيع العملية البرية، فإن دولة الاحتلال ستهدر فرصة تاريخية في القضاء على قوى المقاومة في قطاع غزة، حيث قدر غالانت “أن وقف العملية العسكرية في القطاع الآن سيؤدي إلى هدوء في الجبهة مع غزة لسنوات معدودة، لكن قوى المقاومة ستستأنف تسلحها، وعندما يتجدد إطلاق النار، فإن مدى الصواريخ التي ستكون بحوزتها سيصل إلى تل أبيب”.

يرى غالانت أن قطاع غزة يشكل تهديداً أمنياً مباشراً لدولة الاحتلال، وأن قوى المقاومة هناك في تعاظم مستمر على مستوى التدريبات وصناعة الوسائل القتالية وبناء قواتها، ويشار هنا أن غالانت بعد عدوان 2014، طالب جيش الاحتلال بضرورة وضع خطة لاحتلال قطاع غزة في أي حرب مقبلة.

 

ختاماً

إن أول ما ينبغي على الفلسطينيين القيام به هو فهم عدوهم، من خلال فهم أساليب قياداته وأفكارهم، ثم العمل على وضع تصورات وخطط للتعامل مع هؤلاء القادة المحتلين، صحيح أن السياسة “الإسرائيلية” تكاد تكون واحدة بين كل الوزراء والقادة في دولة الاحتلال، لكن فهمنا بأساليب كل قائد يسهم في تطوير أداء المقاومة لهذا الاحتلال، ومما ينبغي علينا كفلسطينيين كذلك ألا نغفل عن سلوك غالانت السابق ودعوته لاحتلال قطاع غزة في مناسبتين منفصلتين:

  • عام 2008 خلال العدوان على قطاع غزة أثناء قيادة غالانت للجبهة الجنوبية، حينما اقترح على وزير الجيش في حينه أيهود باراك توسيع العدوان على القطاع واحتلال أجزاء منه.
  • عام 2014 ومع بداية دخوله الحياة السياسية، أعاد غالانت إنتاج الفكرة بعد عدوان 2014 على قطاع غزة، مطالباً الجيش بضرورة وضع خطة لاحتلال القطاع في أي حرب مقبلة.

هذا الأمر يعكس حالة التطرف والاندفاع لدى غالانت في التعامل مع قطاع غزة، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن يوآف غالانت في كلتا الحالتين لم يكن في دائرة اتخاذ القرار، فهل منصبه الجديد كوزير للجيش وكفاعل رئيس في عملية اتخاذ القرار الأمني في دولة الاحتلال، يدفعه لتطبيق رؤيته السابقة باحتلال قطاع غزة، أم سيشكل منصبه الجديد كابحاً لتطرفه واندفاعه، من خلال إدراكه حجم المخاطر والثمن الذي سيدفعه في مقابل ذلك؟

 

للحصول على الدراسة بصيغة PDF اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى