تحليلات

مسيرة الأعلام الإسرائيلية.. السياقات والأهداف

خاص– اتجاهات

 

مقدمة

من المقرر أن تنطلق في الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم غدٍ الخميس 18 أيار/ مايو الجاري ما يُعرف إسرائيلياً بـ “مسيرة الأعلام”، والتي من المفترض أن تمرّ من الأحياء العربية في البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة، بما يشكل عملاً استفزازياً من قبل دولة الاحتلال والجماعات اليهودية المتطرفة للفلسطينيين.

نقدم في مركز اتجاهات للدراسات والأبحاث قراءة تحليلية في السياقات التي تأتي في ضوئها “مسيرة الأعلام” هذا العام، والأهداف التي يسعى الاحتلال إلى تحقيقها من وراء هذه المسيرة.

 

أولاً: السياقات التي تأتي في ضوئها مسيرة الأعلام

تأتي مسيرة الأعلام الإسرائيلية في هذا العام في ضوء عدد من السياقات، أبرزها ما يأتي:

1- أنها تأتي بعد 5 أيام فقط من انتهاء جولة تصعيد خاضتها دولة الاحتلال ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، حيث اعتبر عددٌ من الكتاب والمحللين الإسرائيليين أن أحد أهم أهداف الاحتلال من وراء هذه الجولة من التصعيد هو تحقيق واقع أمني في قطاع غزة يمنع المقاومة الفلسطينية من التأثير سلباً على مسيرة الأعلام.

2- أنها تأتي في ظل حكومة يمينية متطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو، ومشاركة “بتسلئيل سموتريتش” و”إيتمار بن غفير”، وهما أبرز الشخصيات المنظمة والداعمة لمسيرة الأعلام والمطالبين بمرورها من الأحياء العربية في مدينة القدس المحتلة، الأمر الذي يمنح المسيرة زخماً أكبر في ظل إعلان عدد من وزراء حكومة نتنياهو المشاركة بشكل رسمي في المسيرة، ما يجعلها تحظى بدعم حكومي رسمي غير مسبوق.

3- إعلان جماعات يمينية إسرائيلية متشددة أنها تسعى لحشد 5000 يميني إسرائيلي لاقتحام المسجد الأقصى في اليوم ذاته، وذلك مروراً من باب الأسباط، وهو ما سيشكل في حال حدوثه سابقةً لم تحدث من قبل.

4- اهتزاز صورة الائتلاف الحكومي في ضوء تفاعلات خطة التعديلات القضائية، وهو ما انعكس في استطلاعات الرأي التي أظهرت تراجع نسب تأييد حزب الليكود وشركائه في الائتلاف الحكومي.

 

ثانياً: أهداف الاحتلال من وراء مسيرة الأعلام

يمكن تقسيم أهداف الاحتلال من وراء مسيرة الأعلام إلى نوعين من الأهداف، وذلك على النحو الآتي:

1- أهداف رئيسة أو استراتيجية:

وهي الأهداف التي يسعى الاحتلال لتحقيقها منذ انطلاق المسيرة قبل 40 عاماً، ويمكن قراءتها على النحو الآتي:

  • اعتبار القدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وفرض هذا الأمر واقعاً أمام الفلسطينيين والعالم أجمع، وذلك بتسيير موكب الأعلام كل عام في مناسبة “توحيد القدس” تحت الاحتلال.
  • الاستمرار في تنفيذ الخطط والبرامج التهويدية في مدينة القدس المحتلة، والتي من أبرها فرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى المبارك.

2- أهداف فرعية أو تكتيكية:

وهي الأهداف التي يسعى الاحتلال لتنفيذها في ضوء السياقات سابقة الذكر، ويمكن قراءتها على النحو الآتي:

  • رغبة نتنياهو في الحفاظ على تماسك ائتلافه الحكومي، من خلال إرضاء الوزيرين “بتسلئيل سموتريتش” و”إيتمار بن غفير” الأكثر تطرفاً في حكومته، واللذان يعتمدان على قاعدة جماهيرية من المستوطنين المتطرفين، حيث أعلن نتنياهو السماح بمرور المسيرة حسب المخطط لها وترتيب كل الاحتياطات الأمنية لضمان سيرها بشكل طبيعي، هذا الواقع سينعكس إيجاباً على تماسك الائتلاف الحكومي، وبالتالي نجاحه في تمرير التصويت على الموازنة العامة في الكنيست يوم 29 أيار/ مايو الجاري.
  • سعي نتنياهو إلى تعزيز شعبيته في أوساط الجمهور الإسرائيلي خاصة اليميني منه، خصوصاً بعد تدني نسبة التأييد لحزب الليكود وائتلافه الحكومي، كما ظهر في الاستطلاعات الأخيرة بعد أزمة التعديلات القضائية التي أحدثت شرخاً في الوسط السياسي الإسرائيلي، لذلك يريد نتنياهو إرضاء المستوطنين من خلال السماح بتنظيمهم لمسيرة الأعلام وفق المسارات التي يريدونها.
  • إظهار نجاح جولة التصعيد الأخيرة في قطاع غزة في تحقيق أهدافها، حيث يقدر جيش الاحتلال أنه بفضل العملية العسكرية في القطاع وصلت دولة الاحتلال إلى وضع أمني أفضل لـ “مسيرة الأعلام”.

 

وبالرغم من حرص الاحتلال على تحقيق أهداف مسيرة الأعلام بشكل كامل، إلا أنه سيسعى لتمريرها دون الانزلاق إلى تصعيد، خصوصاً في ظل تهديدات وتحذيرات المقاومة الفلسطينية..

هذا، وتعتبر مسيرة الأعلام حلقةً في سلسلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولا يمكن الحديث عن إنهائها بالضربة القاضية، بل إن هناك خياراتٍ عدة يمكن اتباعها على المستوى الفلسطيني والعربي، بما يحافظ على هوية القدس.

 

 

للاطلاع على التحليل بصيغة PDF اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى