تحليلات

تصعيد جديد في قطاع غزة.. السياقات والأهداف

خاص– اتجاهات

 

شنت طائرات الاحتلال قبل ساعات الفجر الأولى من هذا اليوم عدة هجمات داخل قطاع غزة، أسفرت عن اغتيال ثلاثة من قيادات المقاومة الفلسطينية في القطاع واستشهاد 10 آخرين من ذويهم وعائلاتهم، حيث أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: “في عملية مشتركة للجيش والشاباك، تم القضاء على قائد منطقة شمال قطاع غزة في الجهاد، وقيادي بارز في الحركة المسؤول عن توجيه نشاطات في الضفة الغربية انطلاقاً من القطاع، وعلى أمين سر المجلس العسكري في التنظيم”.

 

تأتي عملية الاغتيال في ضوء عدد من السياقات، نجملها في الآتي:

1- بعد أيام قليلة من جولة التصعيد في قطاع غزة، التي بدأتها المقاومة الفلسطينية في القطاع رداً على عملية اغتيال الأسير الشيخ خضر عدنان، في تطبيق عملي لمفهوم وحدة الساحات.

2- استمرار تصاعد جذوة المقاومة في الضفة الغربية فلا يكاد يمر يوم دون حدوث عمليات إطلاق نار ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه.

3- قبل ٩ أيام فقط على مسيرة الأعلام في مدينة القدس المحتلة، المقرر انطلاقها يوم الخميس الموافق ١٨ مايو/ آيار الجاري، والتي يحشد لها اليمين الإسرائيلي ومستوطنوه منذ أيام.

4- تصاعد الأزمة السياسية داخل دولة الاحتلال في ضوء تفاعلات خطة التعديلات القضائية التي تصفها المعارضة بالانقلاب القضائي.

5- تصاعد حالة الخلاف داخل الائتلاف الحكومي، وإعلان حزب “عوتسماه يهوديت” بقيادة وزير الأمن القومي “إيتمار بن غفير” مقاطعة جلسات الحكومة ومقاطعة التصويت في الكنيست، وذلك اعتراضاً على السلوك الأمني لحكومته في التعامل مع جبهات المقاومة، واعتبار ردها في التصعيد الأخير مع قطاع غزة بالضعيف.

6- تراجع شعبية نتنياهو وأقطاب ائتلافه الحكومي، حيث أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة حصوله وائتلافه الحكومي على 51 مقعد فقط، وهو ما يعني خسارته الأغلبية البرلمانية، في المقابل ارتفاع أسهم زعيم المعسكر الوطني “بيني غانتس” الذي منحته استطلاعات الرأي المركز الأول بحصوله على 29 مقعد.

 

في ضوء ما سبق جاءت عملية اغتيال القادة الثلاثة في قطاع غزة، وذلك تحقيقاً لعدة أهداف، يمكن إجمالها في النقاط الآتية:

1- ترميم صورة الردع الإسرائيلية التي تآكلت على وقع ضربات المقاومة من قطاع غزة وجنوب لبنان خلال الأيام الأخيرة، من خلال توجيه ضربة مباغتة يحقق فيها الاحتلال عنصر المفاجأة، ويحصل منها على صورة نصر.

2- التأثير على وحدة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، حيث يسعى الاحتلال خلال هذه الجولة من التصعيد إلى حصر المواجهة مع حركة الجهاد الإسلامي، وتحييد حركة حماس عن الدخول في المواجهة؛ في محاولة إسرائيلية لكسر معادلة وحدة الساحات التي ثبتتها المقاومة واقعاً عملياً خلال الفترات السابقة.

3- محاولة التأثير على تصاعد المقاومة في الضفة الغربية، من خلال رفع الثمن أمام الأسرى المحررين المبعدين من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، والذين يتهمهم الاحتلال بالمسؤولية عن توجيه نشاطات المقاومين في الضفة الغربية انطلاقاً من قطاع غزة.

4- محاولة من نتنياهو لترميم شعبيته التي بدأت تتراجع أمام تصاعد الأزمة الداخلية على وقع تفاعلات خطة التعديلات القضائية، ناهيك عن عدم رضا الجمهور عن أداء حكومته الأمني في التعامل مع مختلف التهديدات، حسب ما أظهرته استطلاعات الرأي الأخيرة.

5- محاولة من نتنياهو للمحافظة على ائتلافه الحكومي، من خلال الرضوخ لضغوطات “بن غفير” الذي أعلن مقاطعة جلسات الحكومة احتجاجاً على الأداء الأمني لحكومته في التعامل مع قطاع غزة، والذي وصفه بالضعيف، وهو ما نجح نتنياهو في تحقيقه، حيث أعلن “بن غفير” في اللحظات الأولى لعملية الاغتيال، عودة حزبه للمشاركة في جلسات الحكومة والتصويت في الكنيست.

6- تهيئة الأجواء لتمرير مسيرة الأعلام الإسرائيلية في القدس، وذلك من خلال استنزاف المقاومة في ردود فعل بعيدة عن القضايا الوطنية الجامعة، وبالتالي يضمن تحييد جبهات أخرى عن المواجهة خاصة جبهة الداخل المحتل.

 

لم يتم إغلاق الموقف بعد، ولازالت الأمور مرشحة للتصعيد، فالمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لم تقل كلمتها، في حين أعلن الاحتلال أن وزير الدفاع “يوآف غالانت” وافق على تفعيل الخطة التي تسمح لسكان مستوطنات غلاف غزة بالإخلاء نحو باقي المناطق في كافة المدن، وذلك كإجراءٍ احترازيٍ تحسباً لأي عمليات تسلل من قبل عناصر المقاومة.

هذا الموقف يفرض على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة جملة من التحديات، أهمها:

  1. المحافظة على وحدة الموقف والقرار وعدم الرضوخ لمعادلات الاحتلال.
  2. الرد على جريمة اغتيال القادة “رداً نوعياً ومفاجئاً”، مع تحقيق مبدأ وحدة الساحات.
  3. عدم الانجرار لمواجهة واسعة، الاحتلال يكون فيها في أعلى جهوزيته.
  4. قطع الطريق أمام الاحتلال لتمرير مخططاته وأهدافه التي أراد تحقيقها من وراء عملية الاغتيال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى