تحليلات

الخارطة السياسية داخل دولة الاحتلال

في ضوء نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة

خاص– اتجاهات

 

أجرت عدة قنوات وصحف إسرائيلية خلال الثلاثة أسابيع الماضية مجموعة من استطلاعات الرأي، تستهدف قراءة الخارطة السياسية في دولة الاحتلال، في ضوء عدد من التطورات السياسية والأمنية التي شهدتها دولة الاحتلال خلال الفترة الماضية، والتي كان أبرزها:

  1. تصاعد الأزمة السياسية داخل دولة الاحتلال في ضوء تفاعلات خطة التعديلات القضائية.
  2. تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية.
  3. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان، استهدفت مستوطنات شمال فلسطين المحتلة.
  4. استشهاد الأسير الشيخ خضر عدنان، والدخول على إثر ذلك في جولة تصعيد قصيرة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
  5. اغتيال مجموعة من قادة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وبدء جولة تصعيد مع المقاومة في القطاع (معركة “ثأر الأحرار”) استمرت 5 أيام.
  6. تنظيم مسيرة الأعلام الإسرائيلية في القدس المحتلة.

 

قمنا في مركز اتجاهات للدراسات والأبحاث برصد نتائج أبرز استطلاعات الرأي الأخيرة لعدة وسائل إعلام إسرائيلية (قناة كان، القناة 12، القناة 12، معاريف) مع مقارنتها بنتائج انتخابات الكنيست الـ 25، حيث يظهر الجدول الآتي نتائج هذه المقارنة:

 

في قراءة نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة ومقارنتها بنتائج انتخابات الكنيست الـ 25، فإن النتائج تٌظهر تغيراً كبيراً في الخارطة الانتخابية داخل دولة الاحتلال، وذلك نتيجة التداعيات السلبية لخطة التعديلات القضائية التي وصفتها المعارضة بالانقلاب القضائي، وفي ضوء تصاعد حالة عدم الرضا عن الأداء الأمني لحكومة نتنياهو في تعاملها مع الجبهات المختلفة (الضفة الغربية، قطاع غزة، لبنان)، وفي ضوء نتائج استطلاعات الرأي أعلاه، يلاحظ الآتي:

1- وجود تغيير كبير طرأ على الخارطة الحزبية، حيث يظهر أن هناك تقدماً كبيراً لمعسكر التغيير بقيادة “غانتس” و”لبيد”، وذلك على حساب معسكر اليمين بقيادة نتنياهو، بحيث يحصل معسكر التغيير على متوسط 62 مقعد، بزيادة 11 مقعداً عن المقاعد التي حصل عليها في انتخابات الكنيست الـ 25، بينما يحصل معسكر اليمين على 52 مقعد بخسارة 12 مقعداً من التي حصل عليها في انتخابات الكنيست الـ 25، وقد عزى المحللون هذا التغيير بشكل رئيس إلى تفاعلات خطة التعديلات القضائية وحالة الرفض الكبيرة لها في صفوف الجمهور الإسرائيلي، في ظل تأثيراتها على الشأن الداخلي والوضع الاقتصادي.

2- هناك تراجع كبير لحزب الليكود، بحيث يحصل على متوسط 25 مقعد، بخسارة 7 مقاعد مقارنة بالانتخابات السابقة، ويلاحظ في هذا السياق محدودية تأثير العملية العسكرية التي بدأها نتنياهو في غزة باغتيال ثلاثة من قادة المقاومة، فبالرغم من أن استطلاعات الرأي، التي جاءت بعد جولة التصعيد ضد قطاع غزة، أعطت نتنياهو نسب تأييد أكبر من التي حصل عليها في استطلاعات الرأي التي تم إجراؤها قبل جولة التصعيد، إلا أنها لا زالت أقل من نسب التأييد التي حصل عليها في انتخابات الكنيست الماضية.

3- هناك تراجع لتحالف الصهيونية الدينية بقيادة “سموتريتش” و”بن غفير”، بحيث يحصل على 11 مقعد، بتراجع 3 مقاعد، وهو ما فسره عدد من المحللين بأنه جاء نتيجة سياسة ومواقف “بن غفير”، ناهيك عن تصاعد حالة عدم الرضا عن الأداء الأمني لحكومة نتنياهو في التعامل مع تهديدات الجبهات المختلفة، في حين أظهر استطلاع معاريف في 19/5/2023 ارتفاعاً في نسب تأييد الصهيونية الدينية خلافاً لاستطلاعات الرأي التي كانت قبل هذا التاريخ، والتي كانت تظهر تراجع تحالف الصهيونية الدينية وخسارتها ما يقرب من 4 مقاعد، مقارنة بالمقاعد التي حصلت عليها في انتخابات الكنيست الماضية، وهو ما يمكن تفسيره بنجاح “سموتريتش” و”بن غفير” في تنظيم مسيرة الأعلام.

4- يظهر أن هناك تراجعاً لحزب “ييش عتيد” بقيادة “يائير لبيد”، بحيث يحصل على متوسط 18 مقعد، بخسارة 6 مقاعد مقارنة بالانتخابات الماضية، في المقابل برز تقدم كبير لرئيس المعسكر الوطني “بيني غانتس” بحيث يحصل حزبه على متوسط 29 مقعد، أي أنه تقدم بمقدار 17 مقعداً، حيث استطاع “غانتس” استثمار الأزمة القضائية وإبراز نفسه كزعيم مستقبلي قادر على الحفاظ على مكونات الدولة كدولة يهودية ديمقراطية هذا من جهة، ومن جهة أخرى قدرته على التعامل مع التهديدات الأمنية، وعلى المحافظة على علاقات “إسرائيل” مع حلفائها، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والتي أظهرت دعمها له، وهو ما تمثل في لقاء مستشار الأمن القومي الأمريكي “جيك سوليفان” مع “غانتس”، في أول زيارة لمسؤول أمريكي كبير إلى دولة الاحتلال بعد تولي حكومة نتنياهو مهامها.

5- تُظهر استطلاعات الرأي انهياراً تاماً لحزب العمل، الذي يفشل في تجاوز نسبة الحسم بحسب ما أظهرته هذه الاستطلاعات الأخيرة.

 

في المحصلة، تأتي الاستطلاعات كنتيجة مرحلية لتداعيات وتفاعلات الخطة القضائية والأداء السياسي والأمني لحكومة نتنياهو، وتعبيراً عن مدى الضرر الذي لحق بالتأييد السياسي لنتنياهو، وتشكل عنصراً ضاغطاً عليه، إلا أن هذه النتائج لن تكون بالضرورة حاسمةً أو دليلاً على انهيار اليمين والائتلاف الحكومي الحالي، حيث سيسعى نتنياهو إلى معالجة هذا الأمر وتثبيت قواعد ائتلافه الحكومي من خلال:

  • إقرار الموازنة العامة لدولة الاحتلال قبل نهاية شهر أيار/ مايو الجاري، والتي إن لم يتم إقرارها حتى هذا الموعد فسيتم حلّ الكنيست.
  • احتواء “بن غفير” و”سموتريتش” من خلال عقد صفقات مرضية لهما بما يضمن حاجة نتنياهو في الحفاظ على تماسك ائتلافه الحكومي.
  • الوصول لتسوية مرضية حول خطة الإصلاحات القضائية، تتم عبر المفاوضات مع المعارضة.

 

للاطلاع على التحليل بصيغة PDF اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى